قصص من تاريخنا(الأمير سيدي وعاشق منت البار)

altقال محمد فال ول بابه العلوي في كتاب التكملة: “وكان سيدي بن محمد لحبيب من كبراء الأمراء يحب العلماء ويجلهم ولاسيما أهل الورع منهم، يسأل عن النوازل الواقعة ويتناظر العلماء بين يديه، وتنظر الكتب حتى يظهر له الصواب ويفهم.

تكثر الزوايا ولاسيما العلماء بمجلسه، يسير بنفسه في موكبه لدفع الظلم عن كل مسلم خاص. وتكون الفتنة بين قوم فيسير بنفسه ويصلح بينهم ولم يأخذ منهم مثقال ذرة، ولما يسرق مال المسلم ويأتيه يرسل لمن يظن أنه سرق حتى يظهر أمر تلك السرقة فهو رحمة للمسلمين جزاه الله خيرا، ويبغضه أهل الشر والفساد”

من القطعيات التي درج عليها البيظان أن العلم والاهتمام به من حظ الزوايا، دون سواهم من شرائح المجتمع الأخرى، لكن الأمير سيدي ول محمد لحبيب المتوفى عام 1288ه – 1871م – الذي عد من أشهر وأعظم أمراء البلاد، وعرف بالأمير العادل – كان ملما بعلوم عصره، ومهتما بالعلم وأهله، يختار القضاة والأئمة باعتبار سعة العلم والورع، ويبذل الوسع في جمع الكتب ونسخها، وقد شملت مكتبته – كما روي – الوفير من الكتب القيمة النادرة. ولما ألف العلامة محنض بابه ول اعبيد شرحه على مختصر خليل المعروف “بالميسر الجليل” طلب الأمير سيدي من الأديب محمد ول هدار أن ينسخ له نسخة من الشرح، وأعطاه حاجته لذلك من الورق، وكان محمد ول هدار من أهل العلم والأدب والشعر والظرافة وتنتسب أسرته إلى البيت الشريف، وقد عرف عنه حسن خطه، حيث يعد من كتبة زمانه. ولما أكمل محمد نسخ الكتاب بقيت لديه بعض الكراريس – وكانت نادرة في تلك الأزمان – وقد أراد أن يهبها له الأمير سيدي، لكن الأخير امتنع عن ذلك لشغفه بالكتب ومتعلقاتها، فكان الأمر مغزى نكته ضمنها محمد قوله التالي: فارسْ عرْبْ آگنِّ @@ والمنجاعْ اولكراعْ أحب محمد عبد الله ول سعيد ول عبد الجليل رائعة منت البار واشتهر أمرهما، وعظم كلفه بها، وكان لا يقول شعرا إلا أورد ذكرها فيه، وإن لم يكن في مناسبة القول داع لذلك. روي أنه قدم على الشيخ سعد بوه عام رمادة وذات محل فكساه الشيخ دراعة، فقال يمدحه: حدْ إِدِوّرْ بلّكْ باحْسيدْ @@ ألِّ طاكْ الله منْ لسرارْ ابعدْ يالشيخْ اعليهْ ابعيدْ @@ امْنْ اعْلِيانَ منت البارْ طلب الأمير سيدي ول محمد لحبيب من ول سعيد ول عبد الجليل أن ينسخ له نسخة من كتاب دلائل الخيرات للإمام الجزولي، فلما أتم نسخ الكتاب ضاعت عليه النسخة الأصلية، فغضب الأمير من ذلك، وألزم ول سعيد بأن يرد عليه النسخة وإلا فعل به كذا وكذا، وكان من فضل الله على ول سعيد أن عثر على الكتاب فأرسله للأمير سيدي، وقال يخاطبه: لَحَگْ لَلِّ گالْ اغدرتُ @@ واشْهَدْ بالله انِّ غدّارْ عنِ بُلَكْتابْ اجْبَرْتُ @@ وانْ ذاكْ الْ فيهْ امنْ التحمارْ يعلمْ عنِ ما حَمّرْتُ @@ كونْ ابْحَمَيْرتْ منتْ البارْ منذ أن تمكن حب منت البار من شغاف قلبه لم يفارق حبها أو حيث تكون، فبراه الشوق وأضناه التهيام، وصارت هي الأمر كله بالنسبة له، أبدع القول في ذكرها، وشاع حبه لها حتى أصبح مضرب المثل للناس، واكثر من التغزل بها وندب ربوعها، فصار شعره مرددا ومحكيا على السنة الرواة، ومتداولا في مجالس الأدب… ومن عجيب أمره – مما روي – أن منت البار جاءت تعوده في اليوم الذي توفي فيه، فلحظها ببصره وكان محتضرا، وكانت هي لابسة لملحفة من النيلة، فقال: يَعَزْ الِّ گِطْ اتْكَحلْ @@ ولِّ گطْ ازْهالُ بالِ الِّ جاوْ اجْمالُ يرْحلْ @@ وَانَ ظَرْوكْ جاوْ اجْمالِ

إلى لقاء

نقلا عن صفحة المدون

 

 

Ahmedou Bazeid

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى