نحن في بلد مختل عقليا/ سيدي علي بلعمش

الزمان ـ تعيش موريتانيا اليوم و لأول مرة في تاريخ البلد، على مفترق طرق خطير، لا بد أن يؤدي إلى تحول جذري، لا ندري حتى الآن في أي اتجاه سيصب.

من يحكمون موريتانيا اليوم ليس لهم مثيل لا في تاريخ البلد و لا في تاريخ غيره : عصابة بدائية  من محترفي الإجرام ، لا تتبنى أي مفهوم للدولة و لا أي حد من الأخلاق ، أوقعها الجهل و الجشع في كل أخطاء مصيدة العصر :

نهب المال العام، تبييض الأموال، المخدرات، تزوير العملات، لعب القمار بكل أنواعه، قمع المواطنين و تجويعهم، القتل بغيا، الظلم، الاعتداء على ممتلكات الغير، الرشوة ، التزوير، التحايل بكل أنواعه و على كل مستويات الدولة، استهداف كل رموز الدولة و العبث بها من بلوكات إلى الدستور مرورا ببيع المدارس العتيقة و منع المحاظر و العبث بمنشآت الدولة ذات الرمزية العالية (مدرسة الشرطة ، الملعب الوطني، مقر الموسيقى العسكرية…) و انتهاء بالسطو على العلم الوطني و النشيد الوطني و التلفزة الوطنية التي اغتصبوا اسمها و أطلقوه على بوقهم المشروخ و انتهكوا حرمتها لتصبح غرفة ماكياج لبنت الكربية …

لقد عاثوا فسادا و بغيا في هذا البلد و عبثوا بمفاهيم الحياة فيه إلى حد لم يسبقهم له إنس و لا جان.

تم تتفيه الحياة العامة و تقزيم المفاهيم و احتقار الناس حد القرف .. حد التقزز : أصبح كل من لم يكن له رأي حتى في أموره الشخصية يتبجح بآرائه الفكرية و أطروحاته السياسية  :  القزم ولد الطيب و الطرطور ولد هيبة و سفير القوادة ولد النني و  رائد عصرها الذهبي محسن ولد الحاج و المتملق ولد محم خيره و عميد الصحافة زيدان و لواء ركن القمار ولد احريطاني و بنجة قناة الوطنية و صحافة كتائب خيرة المأجورة و مؤتمر ولد شيخ التزلف و الانحطاط، الأسبوعي ؛ لقد جاء ولد عبد العزيز ليعلن الحرب على القيم و الثقافة و الدين و الأخلاق و النبالة .. جاء برهط من القوادة  و “الشباكة” و المتزلفين  و المزورين  و محترفي لعب القمار و  مهربي العملات  و تجار المخدرات،  ليحول حياة هذا الشعب البريء إلى جحيم حقيقي : القتل و الاغتصاب و السطو و  التهديد و الإذلال و القهر و السجون ظلما و سلب ممتلكات الناس و إعلان الحرب بكل وسائل التدمير الشامل على أي مظهر من مظاهر النبل و التعفف و الثقافة و الرزانة و الاستقامة : كل ما ينقص ولد عبد العزيز في الحياة من أمور لا تشترى بمال و لا تنال بغير التعلم و التربية ، أصبح منبوذا و كل تفاهاته و جهله و احتياله أصبحت مميزات “وطنية” لا يمكن أن تتبوأ مكانة في البلد من دون احتواء أكثر من نصفها ..


حول ولد عبد العزيز رئاسة البلد إلى معبد لمحيطه الأسري الضيق : توزعوا الأدوار و المهام في عملية السيطرة على ثروات البلد و اختاروا من أنذال أبنائه (وزراء و مدراء و نواب و قضاة و أمناء عامين و ضباط سامين) من لديهم الاستعداد لخدمة آلهة المعبد على حساب الوطن و مصالح أهله: سئل هتلر من هم أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتك ، فقال  من ساعدوني على احتلال بلدانهم. نعم هؤلاء هم أحقر الناس بكل تأكيد و هم أتفههم و أكثرهم جهلا بتاريخ الشعوب ؛ ما سيحدث في موريتانيا و في وقت قريب إن شاء الله، سيتعلم منه الكثيرون و سيدرك هؤلاء أنهم أغبى من ولد عبد العزيز و أجهل منه و أحقر منه : كيف لولد الطيب أن يتكلم عن رموز الوطن و هو أكبر رموز تزلفه و نفاقه ؟ كيف لولد محم أن يتكلم عن رموز الوطن و هو أهم رموز عاره ؟ كيف لولد الرايس أن يفتي في شأن المواد المحصنة و هو فاقد الأهلية الشرعية و القانونية بسبب علة النفاق التي يتربع على رمزيتها في البلد (لقد أفتى الدستور و القانون الموريتاني المفصل له ، المنبثق من الأحكام الشرعية ، في عدم أهلية شهادة المنافق، فكيف نسمع رأيك فيه و هو خصمك؟).

   
 أتمنى حين تسترد موريتانيا كرامتها أن تصنع تماثيل لهؤلاء  لردع كل من تسول له نفسه العبث بمصالح و سمعة و كرامة بلاده… 
أهم المؤسسات التي حكمت عصابة أسرة ولد عبد العزيز في رقاب الناس هي كانت : ـ بازيب

ـ الأمن 
ـ القضاء  

ـ البرلمان

ـ  المفتشية العامة للدولة

ـ وزارة المالية (بكل مجرتها الوقحة)

ـ وزارة الشؤون الإسلامية (بكل مجرتها الدنيئة)

ـ إدارة السجلات المؤمنة

 أما الأشخاص الذين نهب و حطم و احتقر موريتانيا من خلالهم فهم:

ـ  سيدي ولد التاه 
ـ ولد أجاي 
ـ ولد الطيب 
ـ مسعود ولد بلخير 
ـ بيجل 
ـ كومبا با ـ ولد حدمين ـ ولد بايه

الأشخاص الذين حول ولد عبد العزيز السياسة من خلالهم إلى ميدان قذر تعفه النفوس الكريمة:


ـ ولد الطيب ـ  محمد فال ولد يوسف ـ ولد محم خيره

ـ ولد الشدو   “الصحافة” التي لطخ بها ولد عبد العزيز سمعة و مكانة الساحة الإعلامية  و حولها إلى بازار شعبي طارد لكل نفس أبية هي:

ـ زيدان ميديا و أتلانتيك ميديا و حرية مديا و بن ولد الشنوف ميديا  و بقية الـ”مـد” الانحطاطي المتسول على قارعة طريق خيره و لائحة أعوان الأمن و كلاب الكنتي من أدعياء الصحافة و أعداء الفصاحة و عديمي الحصافة : من يقرأ هذا التحليل الإخباري لا بد أن يفهم أين وصلت موريتانيا؛ هذه هي المؤشرات الخطيرة الدالة على استحكام حلقة الوضاعة من حولنا : يتم ترخيص  هذه المواقع (وغيرها كثير من أمثالها) ، من قبل الدولة، يتم تصنيفها كمستوفية  لشروط المواقع المحترمة من قبل لجنة توزيع مساعدات الصحافة، يتم انتخاب أصحابها على رأس روابط الصحافة ، تحظى في أحيان كثيرة بما لا يحلم به أي موقع آخر من مخصصات الدعاية الموجهة و تصل أصحابها الدعوات الرسمية قبل الجميع : لقد وصل هذا البلد إلى مرحلة من البؤس  و الاستباحة لم يشهد التاريخ لها مثيل  : سئل علي بن أبي طالب ، ما يفسد أمر القوم يا أمير المؤمنين ؟ قال ثلاثة : وضع الصغير مكان الكبير، وضع الجاهل مكان العالم و وضع التابع في القيادة.
كل ما يفسد أمر القوم أتت به عصابة ولد عبد العزيز بحذافيره..  

إن دولة تصنع من ولد النني سفيرا كامل السلطة و فوق العادة،  لديها حتما مشكلة أخلاقية ، يؤكدها وجود رفيق دربه و زميله في المهنة محسن ولد الحاج على رأس مجلس شيوخها و يؤكدها أكثر وجود زعيم عصابتهما على رأس هرم الدولة. نحن في بلد مختل عقليا: لا يمكن أن يوجد تعبير آخر أو تشخيص آخر لحالتنا المأساوية.

في الانتخابات النيابية الماضية أمضت الناس حوالي 4 أشهر كل يوم تزف لها فرقة الفنون الشعبية (اللجنة الوطنية للانتخابات، الخائنة، المرتشية،  الوضيعة)  نائبا جديدا أو نائبة قديمة : إنسان مثل ولد عبد العزيز يعتمد على الجهلة و المتزلفين لا يمكن أن يزور انتخابات لأن التزوير عملية معقدة تحتاج إلى عباقرة الإدارة المركزية و خبرائها و دهاء سياسي يعرف أصحابه كيف يمتصون غصب الناس و كيف يتلاعبون على عقولها بطرق محنكة و ذكية : ما يفعله ولد عبد العزيز يسمى اغتصابا و ليس تزويرا : فقد نجح ولد محم في أطار في شوط ثالث و رسب العربي ولد الجدين في شنقيط في شوط خامس ، ليصنع ولد عبد العزيز برلمانا على المقاس من أصحاب السوابق و  اللاحقات بأمثالهم : إذا كان مجلس الشيوخ غرفة تسجيل فإن البرلمان غرفة تطبيل و إذا كان مجلس الشيوخ ينبغي أن يحل فإن البرلمان ينبغي أن ينفى من الأرض ..


اليوم تتراءى لولد عبد العزيز نهايته بوضوح : فلا شيء يمكن أن ينقذه من مصادرة الممتلكات والذهاب إلى السجن بعد انتهاء مأموريته التي أشك كثيرا في أنه يمكن أن يصلها ، إذا ظل يحاول بهذا الجنون الجبان، مصارعة مخاوفه مما تخبئ  له:

هذا الحوار هو ما كانت تحتاجه موريتانيا للتخلص من ولد عبد العزيز بأفضل طريقة : لقد فجر ولد عبد العزيز كورة الثلج التي يسمونها أغلبية مثلما تسمي الناس “داعش” بالدولة الإسلامية. هذه الأغلبية الداعشية كان يجمعها الطمع و أصبح يفرقها الخوف وهي متخصصة في فنيات التمذهب و التموقع  و التبرير و استصلاح أرضية التحولات : هذا الحوار أفقد ولد عبد العزيز كل آليات التحكم في المسار . و يخطئ من كان يعتقد أن ولد عبد العزيز كان يحكم بولد الطيب و ولد محم خيره و ولد حدمين بل كان يحكم بمسعود و بيجل و آخرين (عفا الله عنهم )  و هم من دفعوه إلى هذا الغيتو و عليه اليوم أن يختار بين أن يصبح آلة في أياديهم أو يتركوه أعزلا أمام أعدائه.

لن ينتهي هذا الحوار إلا بنهاية ولد عبد العزيز و من يتابع بدقة ما حصل فيه من تحولات، يفهم بسهولة أن حتى الأغلبية العمياء ، أدركت ـ كل على مستواه ـ أن نجم ولد عبد العزيز أفل و أن هذا الحوار فرصة تحول لمن لا يريد أن تدركه الموت على الكفر. 
فما حاجة مسعود إلى فتح عمر الترشح و كيف يتحول إلى عقبة كأداء في وجه مأمورية ولد عبد العزيز الثالثة و هو أكثر من استفاد ـ بعد عصابة أقارب ولد عبد العزيز ـ و  بشهادة  الجميع  من رشاوى هذه العصابة ؟

يعرف مسعود جيدا أنه لم يعد يستطيع الترشح في غير حالة واحدة ، هي أن يرشحه ولد عبد العزيز و يدعمه بوسائل الدولة و الإدارة و التزوير و القهر، ليحميه حين يوصله إلى رأس السلطة ..
و لكي يبقى هذا الاحتمال قائما ـ على الأقل ، إذا لم يكن هناك اتفاق مسبق يحاول ولد عبد العزيز الالتفاف عليه كعادته ـ يجب أولا ضمان عدم ترشح ولد عبد العزيز ؛ و بوقوف مسعود في وجه المأمورية الثالثة، يضمن إما بقاء احتمال ترشيحه من طرف عصابة مفلسة و فاقدة للشرعية و متورطة في كل جرائم الكون و إما صيانة ماء وجهه و البقاء في صفة المعارضة تفاديا للمحاسبات الأتية حتما بعد سقوط العصابة …


 و الحقيقة أن هذا الحوار لم يكن خطأ ولد عبد العزيز بل كان نتيجة لحصيلة هائلة من الأخطاء سدت أفق كل الحلول : إفلاس الدولة، انفراط العقد الاجتماعي، تعري كل حقائق العصابة أمام الجميع، انفلات الأمن، تسيب الإدارة، سقوط هيبة الدولة، تصاعد ظاهرة العنف الاجتماعي، تفشي المخدرات و الخمور و الانحراف ، تخلي الدولة عن دورها الأمني بعدما تخلت عن دورها الاجتماعي، (غير أمن العصابة طبعا) تحول القضاء إلى موضوع تندر الجميع: الرشوة و الزبونية و الوساطة و الوضاعة و  كل أنواع الانحطاط الأخلاقي و المهني..

لقد انهار نظام ولد عبد العزيز بعد قضية سونمكس حتى لو كانت الناس لم تفهم بعد معنى و انعكاسات و خلفيات ما تم  بالضبط : لم يعد ولد عبد العزيز يستطيع التنطط أمام الناس في لقاء شعب و لا مؤتمر صحفي و لا الحديث عن أي نوع من الإصلاح بعد هذه الفضيحة التي لم يكشف بعد عن 10% من أسرارها الخطيرة؛  من شركة النقل الخاصة بالمساهمين و المسؤولين في سونمكس و ما يدفع لها مقابل مهام وهمية و احتلالها دون وجه حق لأكبر مساحة تابعة للشركة من دون أي مقابل  و تحول المساهمين في رأسمال الشركة إلى زبناء بامتيازات خارج القانون ، تحول جرائمهم إلى خيانة عظمى كأعضاء في مجلس الإدارة و زبناء امتياز في نفس الوقت …

و سترون بعد الآن من هنا حتى يسقط ولد عبد العزيز و عصابته ، فضيحة من عيار سونمكس كل بضعة أسابيع و ليس أمام مفتشية الدولة التي يتحكم فيها أربعة من أقارب ولد عبد العزيز، سوى أن تستمر في مغالطة الرأي العام و التستر على عناصر العصابة التي نهبت البلد ، و الزج بأبرياء في السجون  للتغطية على جرائمهم، لكن هذا الأمر لن يستمر أيضا  لأن للناس طرق أخرى لكشف الحقائق و الإفلات من دور كبش الفداء . و على الشعب الموريتاني اليوم أن لا يستمع إلى ما يقوله إعلام المخابرات المنتشر في كل مكان و أن يفهم أن كل شيء في البلد يخضع لحراسة كاملة و لا يستطيع أن يسرق منه غير أعضاء العصابة ..


الحوار وقضية سونمكس لا يستطيع ولد عبد العزيز أن يخرج من ورطتهما بأي معجزة : لقد اتهت اللعبة.  

  من أهم ما تركه هذا الحوار :

1 ـ أن ولد الوقف فهم أنه يستطيع أن لا يشارك في الحوار و يظل يتنفس الأوكسيجين مثل غيره من البشر ..

2 ـ أن ولد الطيب  فهم أنه مهما تطاول على الشعب الموريتاني و مقدساته لن يزداد طولا و لا عرضا إلا في احتقار الناس لهه…

3 ـ  أن بيجل فهم أن استبدال الشعب الموريتاني بولد عبد العزيز سفاهة ، لا تكفي كل مياه البحر لغسله من عارها.. و فهم (إذا كان فهمها) أن حمل رسائل دعاية ولد عبد العزيز بعدم نية ترشحه ، مسرحية رديئة لم تنطل على أحد..  

4 ـ أن مسعود فهم أن ولد عبد العزيز لا يمكن أن يصدق أيا كان في قضية التخلي عن الحكم.. و إذا فعلها مجبرا لن يرشح رجلا جرب ضعفه أمام النقود و جبنه أمام الضغوط…

5 ـ أن ولد عبد العزيز اليوم فهم أنه لن يحصل على مأمورية ثالثة مهما فعل من المستحيلات

6 ـ أن سوق العقارات ستنتعش بعد أيام، بعد أن بدأت العصابة تحزم حقائبها للهروب ، الظاهر من خلال عرض أسهمها في البنوك للبيع و رهن عقاراتها للبنوك في أي عملية يمكن أن توفر لها بعض السيولة و تراجعها عن الظهور على الواجهة … 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى