عودة الوحش/محمد فال ولد عمير

alt

كل شيء كان موجودا،حتى دكنة طقس تائه حيث ترتفع الرياح المحملة بالغبار لتحط مباشرة،وكأنها تذكر البشر بهشاشة الوسط الذي يتحركون فيه. كان هناك كل شيء ليذكرني ببعض الذكريات (السيئة)من ماض نصر دون وعي على دفنه في مخيلتنا ،كأن صوره تعود لزمن آخر وعالم آخر…..

كانت  فترة “المؤامرة الدائمة”،تلك الفترة التي مر خلالها أغلب نخبة هذا البلد “المزعجة”بمراكز الشرطة وفي أغلب الأحيان بالمحاكم لتنتهي مودعة في السجن،قبل الاستفادة من حرية مؤقتة…بالفعل كنا نقول في ذلك الوقت إننا جميعا نعيش في حرية مؤقتة.على الأقل في الصيغة العشوائية لتلك الحرية،بالإمكان أن نذهب للسجن بدون سبب.كانت عملية الاخراج تتطلب طقوسا تهدف إلى تقسيم العذاب على المستهدفين:على الأقارب و الأصدقاء أن يتعذبوا في انتظار معرفة مصير ذويهم الذين يستجوبون من طرف وكيل جمهورية نعرف مسبيقا خياراته. .  “أمس كان العشرات ينتظرون أمام قصر العدالة في نواكشوط لمعرفة مصير محمد ولد الدباغ،نائب رئيس مجموعة ولد بوعماتوالمتهم بـ”إفلاس” الموريتانية للطيران،وكأنه من باب الصدفة أن يحدث ذلك في الوقت الذي تستهدف فيه المجموعة التي ينتمي لها (الضرائب،البنك المركزي) عندما علمت أن وكيل الجمهورية الذي يستجوبه ليس سوى قاض كان يوما ما زميلا،تأكدت أن صديقي سيمضي ليلته في السجن. عندما كان يخطو خطواته الأولى في “صحافة ما”،كان رئيس تحرير في مجمع البشرى “لا فريتي”-صحيفتان أنشئتا وقتها للسب و النيل من كل ألائك الذين يستهدفهم نظام متغطرس وظالم،كان محمد ولد بوعمات ومجموعته الناشئة أكثر ضحايا  هاتين الصحيفتين استهدافا.

وكأن القدر يرتب الأمور ،هاهي المجموعة “تسلم” مرة أخرى لمن “جحظت عيناه ” على العالم في كون مثل كون البشرى ولافريتي….  لا يهم إن كانت نسبة مجموعة ولد الدباغ لا تتجاوز 40%من أرويز(51 للتونسيين،10% للدولة).لا يهم إذا كان غير مسؤول عن تسيير الشركة.لا يهم إذا كان حاول ونجح بوصفه رئيس مجلس إدارة في استعادة متأخرات العمال الذين لم يحصلوا على عمل.لا يهم إذا كان حافظ بدقة على ممتلكات الشركة بعد إفلاسها.لا يهم إن كان العمال توجهوا في احتجاجاتهم الأولى إلى السفارة التونسية ووجهوا عملهم ضد التونسيين.لا يهم إن …لا يهم…ولد الدباغ يجب أن يذهب إلى السجن …إنه فيه.لكم من الزمن؟ ليس مهما  في حال أنه لن يتألم منه ولن يتألم ذووه. صغيرتي تتي،ما يجب أن يحتفظ به عقلك الصغير هو أن أباك ،صديقي،أخي،لم يسرق،لم يخن،لم يكذب…بالمناسبة ليست هذه أسباب تقود للسجن عندنا..

ترجمة :أبو معتز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى