خطاب الرئيس مسعود ولد بلخير بمناسبة انطلاق مبادرته في 11 فبراير 2013

 

altقال مسعود ولد بلخير إن موريتانيا ينبغي أن تلتحق بالجهود الجماعية لدول المنطقة وفرنسا والمجموعة الدولية من أجل الحفاظ على وحدة وسيادة وعلمانية جمهورية مالي.

 

نض خطاب الرئيس مسعود ولد بلخير:

بمناسبة انطلاق مبادرته في 11 فبراير 2013

الهادفة إلى المساهمة في البحث عن توافق وطني

أصحاب الفخامة الرؤساء

سادتي رؤساء الوزراء

السيد زعيم المعارضة الديمقراطية

 

السيد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي

أصحاب السعادة السفراء وممثلي الدول والمنظمات الدولية

السادة أعضاء غرفتي البرلمان

سادتي رؤساء الأحزاب السياسية، وحركات روابط ومنظمات المجتمع المدني

أصحاب الفضيلة العلماء والأئمة

المدعوون الكرام

مواطني الأعزاء

سيداتي وسادتي

اسمحوا لي بادئ ذي بدء أن أعرب لكم جميعا، حاضرين هنا ومن خلالكم لأقربائكم ولكل الشعب الموريتاني، عن تمنياتي الخالصة لكم بالصحة والسعادة والعافية بمناسبة السنة الجديدة 2013.

وعسى أن لا تحمل هذه السنة إلا غدا مشرقا للإنسانية جمعاء، وبخاصة إفريقيا والعالم العربي وموريتانيا ومالي التي تتجه الأنظار إليها حاليا، واسمحوا لي أن أعبر عن شعوري وانفعالاتي الصادقة تجاهها، وأن أعبر لها هنا عن تضامني المطلق ودعمي المؤكد و اللامشروط لشرعية الدفاع عن وحدتها وسيادتها وعن علمانية حوزتها الترابية، بالسلاح أولا، ثم بالسلم الذي سيتحقق بمعجزة الحوار.

إن ما يحمل على الكلام عن مالي دون سابق إنذار في جمع من المفترض أن يكون الحديث فيه مخصصا لموريتانيا، يجب أن ينظر إليه لا على أنه مجرد سياق بل لأنه فرصة استرشاد واستخلاص للدروس، ينبغي التفكير فيها بعمق وروية من طرف أولئك الذين ما زالوا مصرين على تجاهل حقيقة أن النجاح في الحياة ما هو إلا معرفة كيف نستلهم ونستفيد من تجاربنا الشخصية ومن تجارب الآخرين…

إن استقرار الدول وأمنها لا يمكن ضمانه واستدامته إلا في وسط يطبعه السلام والوحدة والحرية والعدالة والتماسك الاجتماعي والتضامن؛ والتي يتعين على كل فاعل سياسي واجتماعي واقتصادي أن يساهم في إيجادها، فيسعى من البداية إلى تنمية تفاهم متبادل وإلى المحافظة عليه كي لا يضطر للبحث عنه لاحقا على عجل تحت طائلة ضغط الأحداث التي لا يمكن التحكم فيها غالبا.

هذا ما يجب أن تعلمه لنا وضعية مالي؛ التي سنرتكب خطأ فادحا إذا لم نستخلص العبر من درسها؛ فنقبل من الآن وبدون تأخير المساهمة في حماية وطننا الغالي من جو الفوضى السائد.

مواطني الأعزاء

إن شهامتكم وحضوركم بكثرة (والذي نحمد الله عليه) ويسرني أن أشيد به هنا وأن أشكركم عليه من صميم قلبي؛ يجب أن يفهم على أنه التزام وطني صريح وعميق بخدمة البلد ووحدته وأمنه وتماسكه الاجتماعي اللازم لحماية مصالحنا الحاضرة والمستقبلية من جهة، ومن جهة أخرى – وكما أظهرت ذلك مساهمتكم المسؤولة في هذا التشخيص الذي كنت آمل أن يكون موضوعيا وبدون مجاملة، فإنني رسمت الحالة العامة للبلد وقدمت مقترحات وحلولا، تجدون تفصيلها في الوثائق الموضوعة تحت تصرفكم.

فحين يعزف وتر الوطنية فينا نحس في داخلنا أننا ننقاد إلى القيام بأمور جليلة، لأن الوطنية هي وحدها القادرة على ضبط الأنا فينا وعلى تحريك الصفوف، والتحكم في المصير النهائي. 

اسمحوا لي في هذا الإطار أن أشكر بصورة خاصة وأن أمتدح شجاعة وحس الوطنية وروح فطنة السياسات وزعماء الحركات الترابطية ووجهات النظر بمختلف مشاربها (إدارات بلدية، حقوق إنسان، محامون، ثقافة، دين، إعلام، بيئة، شركاء اجتماعيين – أرباب عمل، ونقابات… إلخ) الذين عندما تم الإعلان عن مبادرة البحث عن توافق قاموا بدعمها ومواكبتها سياسيا، أخلاقيا، دينيا، إنسانيا، ثقافيا، اقتصاديا واجتماعيا، ولولا ذلك لما كان لها مثل هذا الصدى، فقد استطاعت صرخة لم الشمل “موريتانيا أولا!” أن تنجح في تحطيم كل الحواجز، سياسية كانت أو عنصرية أو جهوية أو عرقية أو ثقافية.

إن مجموعة وجهة النظر التي دعونا لتكوينها جميعا يندرج عملها أولا وقبل كل شيء في المدة الزمنية الضرورية لتحقيق كل أو بعض أهداف المبادرة المذكورة، وهي أهداف تتلخص في البحث عن توافق يشجع الرجوع إلى وضعية الثقة والتهدئة الدائمين، وتنظيم توافقي لانتخابات حرة شفافة، لا تقصي أحدا من جهة، ومن جهة أخرى تكوين جبهة داخلية قوية من أجل ضمان أمن ووحدة وطننا.

نحن جميعا بحاجة إلى جرعة قوية من الوطنية لتنشيط إرادتنا الجماعية – رغم العوائق المتعددة- في بناء أمة موريتانية موحدة ومتضامنة من جهة، ومن جهة أخرى بناء دولة حقيقية، ديمقراطية، ذات سيادة، شجاعة، محببة، محترمة، ومرغوب فيها، وهذا كله يقاس بمدى اهتمامنا بتسوية مشاكلنا بأنفسنا مهما كانت ودون تأثير أو تدخل خارجي.

نحن أيضا بحاجة إلى نكران الذات لنتجاوز خلافاتنا الراهنة التي بالرغم من أنها تحدد تموقعنا السياسي؛ يجب أن لا تضر بموريتانيتنا وبواجب مسؤوليتنا تجاه بلدنا، وهو واجب ومسؤولية لا يمكن لأي كان أن يتحملهما نيابة عنا.

أصحاب السعادة، سيداتي وسادتي سفراء وممثلي السلك الدبلوماسي

مع تشكراتي الصادقة لكم على حضوركم الذي يعكس الاهتمام الذي تولونه للجمهورية الإسلامية الموريتانية؛ فإنني أحرص على أن أؤكد لكم أن اهتمامنا بسيادتنا وطموحنا المشروع في التحليق بأجنحتنا الذاتية لا يعني بحال من الأحوال تخلينا عن الروابط التي تربطنا بالبلدان المجاورة جنوبا وشمالا وبكل الدول الشقيقة والصديقة، وبمعنى أوضح فإن بلدنا ينبغي أن يعتبر نفسه معنيا تماما بما يجري في العالم وبخاصة ما يجري في مالي.

ولهذا السبب فإن موريتانيا ينبغي أن تلتحق بالجهود الجماعية لدول المنطقة وفرنسا والمجموعة الدولية من أجل الحفاظ على وحدة وسيادة وعلمانية جمهورية مالي، هذا الطرف الذي هو منا.

السادة الرؤساء، زملائي الأعزاء، أصحاب السعادة، سيداتي وسادتي السفراء، أيها المدعوون الكرام، سيداتي وسادتي، مواطني الأعزاء

لم يبق لي في الختام إلا أن أدعو باسمكم جميعا وباسمي شخصيا واسم الوطن، جميع الفاعلين السياسيين، والاقتصاديين، ومن المجتمع المدني، وكل موريتانية وكل موريتاني إلى أن يساندوا بكثرة مبادرة البحث عن التوافق هذه التي أعلن رسميا انطلاقتها.

وسيبدأ قريبا تنفيذ برنامج عمل يهدف إلى خلق ظروف فعالة لنجاح هذه المبادرة.

وفقنا الله وإياكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

انواكشوط، في: 11/02/2013

المصدر: مراسلون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى