حتى لا ننسى يوم 12 مارس / محمد فال ولد عمير

altفي يوم 12 مارس 1959 صدر المرسوم رقم 59-001 الذي يحدد موعد استقلال الجمهورية الإسلامية الموريتانية في 28 نوفمبر 1960. لماذا هذا الخيار؟ ما المقصود منه؟ ما هي نقاط الضعف؟ ما هي التحديات؟ حتى لا نطرح إلا الأسئلة الأكثر بساطة.

خلال فترة ما قبل انتخابه، كان الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز يحيل إلى مرحلة التأسيس باعتبارها ملهما له. هل الأمر ما زال كذلك بالنسبة له؟ وماذا عن الآخرين؟

لم يكن اختيار تاريخ 28 نوفمبر وليد تلك اللحظة. ففي هذا اليوم من سنة 1908، تم استئصال موكب للمستعمرين بقيادة الملازم ربول على يد مقاومين بقيادة الأمير سيد احمد الديد ولد سيدي في لڮويشيشي، غير بعيد من تڮنت الحالية، وسط آفطوط. ولتوطيد هذا التاريخ والتأكيد على بعض الاستقلال –الموجود بالفعل- عن وصاية المستعمر، وقع خيار مجموعة المشيدين الذين التفوا حول ذ/ المختار ولد داداه على هذا التاريخ. دون أن يثير ذلك أية ضجة.

لقد كان الطموح الذي يظهره هؤلاء الشباب يتمثل في إنشاء دولة حديثة. بالمعنى الحقيقي للكلمة: المساواة، العدالة، الإنصاف، التنمية، الاستقلال، المواطنة… أي كل المثل النبيلة السامية والكفيلة بالقيام بنهضة لصالح جميع أبناء هذه الأمة قيد الإنشاء. باختصار، كان يجب التخلي عن الإطار الضيق للقبيلة والعرق والمخيم والقرية و-حتى- الإمارة، بغية التلاقي داخل نطاق أوسع وأعم يتميز بكونه لصالح الجميع: ليس فقط للمنحدرين من وسط ميسور الحال، ليس فقط للمحاربين أو الزوايا، للسود أو البيض، للأسياد أو العبيد… بل دولة للجميع. دولة كانت بحاجة إلى التشييد… من قبَل الجميع. تمثلت أبرز نقاط قوى البناة الشباب، بالطبع، في الرغبة في القيام بشيء جيد، في تملك رؤية لما يودون القيام به، في استعدادهم لتقديم كل التضحيات اللازمة للوصول إلى أهدافهم… كما شكل انحدارهم من مجتمع تنطبع فيه – بقوة- ثقافة التواضع والاعتدال والحق، نقطة قوة لا يستهان بها. وفي ذكرنا للتحديات سنقتصر على ذكر أبرزها: إثبات الوجود وسط عالم معاد ينظر إلى البلد قيد الإنشاء كشوكة في الحلق، فرْض الإرادة على حساب رغبات الجيران المتقدمين كثيرا بالمقارنة بنا؛ فرْض الاحترام في هذه البيئة التي لا تُناسب – قبلا- إلا الأكثر قوة، محاربة القوى المتخلفة والرجعية في الداخل، إقناع المواطنين بقابلية استمرار مثل هذا المشروع حتى لا يبقى على قارعة الطريق الإخوةُ التائهون؛ إنشاء دولة بكل مكوناتها من عاصمة وإدارة وجيش وحكومة… … قبل 54 عاما، إذن، أُطلق مشروع إنشاء موريتانيا التي تبقى مجرد مشروع ما دامت شعلتها الأولى لم تُنعَش من جديد. نحن بحاجة إلى صدمة كهربائية قوية، حتى يعود إلينا وعينا، لعلنا نؤمن مرة أخرى بالدولة الحديثة التي تضمنا جميعنا وتناسبنا جميعنا. نحن بحاجة إلى إعادة تأسيس وإلى إصلاحات جذرية. لا إلى مشاحنات سياسية لا أفق فيها. نحن بحاجة إلى الانفتاح. لا إلى رؤى ظلامية وطائفية. نحن بحاجة إلى التصاغر. لا إلى الإسراف في مواقفنا وخطاباتنا… نحن بحاجة إلى استعادة سيطرتنا على أنفسنا، إلى استعادة رباطة جأشنا، إلى الاستماع لصوت العقل… لنعرف ما نريد ونعرف كيفية تحقيقه. محمد فال ولد عمير ترجمة: نور أنفو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى