من نواكشوط الي مدريد وجع الكتابه

altمالذي يمكنني فعله للتخلص من عشق، مهنة المتاعب؟

أي ترياق يخرجني من هواية تقصي الخبر من إراقة دم المداد بحثا عن الحقيقه؟ انه فعلا أمر محير.. انها اسئلة كبيرة حسب الزمن والمكان الذي تقفز فيهما الى الذهن.

 

 

 

تلك أسئلتي وأنا أتلمس طريق الخروج من مطار مدريد الدولي قادما من العاصمة الموريتانية نواكشوط لم ادخل إسبانيا دخول الفاتحين.. لا كنني كنت أتقاسم مع طارق ابن زياد عبارة”أين المفر؟”..

 

تركت ورائي موريتانيا تغلي بفعل تداعيات محاولة انقلاب فرسان التغيير 8 و9 يونيو 2003وعودة ولد الطائع إلى قصره الرمادي في قلب العاصمة نواكشوط. وهو غاضب ومتفاجئ من الضربة التي زعزعت حكمه وقادت لتداعيات كثيرة لازالت موريتانيا تعيشها لحد الساعة، بالإضافة الى وضع اقتصادي منهار ينذر بالأسوء..

 

أمامي مجاهيل غربة جديده في مجتمع لم أتهجي من لغته سوي كلمة “كرثياس” تلك الكلمة لتي علقت بذاكرتي عندما سمعتها أول مرة وهي تنساب كالسحر من فم سائحة إسبانية كنت قد ساعدتها في إخراج سيارتها من وحل رمال الأطلسي.. هنا في مدريد.. لا أهل ولا وطن وأغلب المهاجرين في إسبانيا هم أيادي عاملة رخيصه تتوقف مهمتها عند الدفع بعجلة الاقتصاد الإسباني الي الأمام، فما لذي سيدعوني للكتابة ولمن سأكتب لتلك الصحيفة التي كان آخر عهدي بها نقاش حاد مع مديرها الناشر بعد عدم تمكنه من تسديد راتبي ستتة أشهر متتالية؟! أم الي تلك الجريدة التي تكتب أنها أسبوعيه وتصدر كل نهاية شهر وتسرح صحفييها مع بداية الشهر الآخر؟!

 

واتذكر بشوق وعطف أحد أصدقائي الضائعين في الإعلام الموريتاني.. كان صديقي كاتبا مبدعا لكن الاعلام الموريتاني لحظتها وفي لحظات كثيرة لاحقة لم يكن ليوجد به مكان للمبدعين، كان على ارتباط بمدير ناشر غريب الاطوار.. كان مدير صديقي يدير جريدة موسميه همها الوحيد ابعاد تهمة العبودية عن نظام ولد الطايع والهجوم علي المنظمات الحقوقية التي تقول بغير ذالك؟!

 

كان اتفاق صديقي مع مديره يقضي بعدم ذكر اسمه علي صفحات جريدته التي كان يقوم بتبويب معظم فقراتها عدى الافتتاحية التي كانت تصل المدير من مصادر يعتقد على نطجاق واسع أنها أمنيه ورغم صعوبة المدير وضغطه المستمر من اجل الحصول علي بزازيل الأخبار”كما يسميها بلغة شعبيه تدعو الي الاشمئزاز فقد كان من أكثر المدراء الناشرين وفاء بمستحقات العاملين لديه، ربما لانه يقبض بشكل مباشر فيوزع غنائمه على من يكتبون له ما يفكر فيه، كان صديقي في تلك الصحيفة هو الكاتب والسكرتير والطباع و”المحررين”..كان يقدم صحيفة جاهزة لمديره.. كانت تلك الصورة مرعبة لكل الصحفيين الشباب.. كان الكل خائفا من ان يصبح يوما كاتبا بمقابل زهيد يخضع لمدير سمسار يجعلك تكتب عكس ما ترى..

 

كان ذلك المصير الصعب يدفعني للتفكير في ان ما تركته خلفي لم يكن قطعا ينفع في ما انا مقبل عليه.. فالصحف التي تلفظ عمالها رخيصي الأجر ليس بإمكانها اعتماد مراسل في اسبانيا..

 

يتواصل..

 

– محمد لمين خطاري ـ الوسيط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى