حُقنة بنصف إرادة…!

كتبت الدهماء ريم:

الزمان أنفو _
وعدتُ نذيرو بالتنازل عن حُقنتي وأخلفتُ الوعد في يوم مُغادرته،.. أملكُ مشاعرَ مُتناثرة اتجاه لقاح كوفيد، بين أحكام العقل ولا مبالاة الواقع، منذ مُدة وصديقتي من آل “با” تَزنُّ عليَّ بضرورة التلقيح، ظاهر الأمر نصيحة وباطنه تبحث عن رفيقة مُغامرة، وعن التَّربح من علاقاتي الطبية.

لم أعِرْها سمعًا، وفي برودٍ تفنَّنتُ في سبك الأعذار، بداية حين كان الأمر متعلقًّا بالمُسنِّين والمُزمنين، فلا أريد مُزاحمتهم، ثم لاحقًا بما فوق الأربعين، وأنا بريئة من حِسبتهم، ولمَّا أخبرتني بأنَّهم نادوا على شريحة ما فوق العشرين أعَدتُ النَّظر، أقلَّه حُقنة مع الشَّباب، فأنا على يقين أنَّي سبق وأن “كوْرَنْتْ” بفيروس جَلْد، وبدل أن آخذه بجريرته تريد منِّي صديقتي أخذه بالأحضان.

استَمْصَلتُ صديقًا من أصحاب المعاطف البيضاء، أبحثُ عن وساطة تُجيرني من التلقيح الجماهيري البائس، وطوابيره الصَّاخبة، فالصَّمت حكمتي المفضَّلة، أريد التَّنعم بامتياز الحَقْنِ السَّامي الهادئ، بمَصْل رفيع الفيروسات حتى ولو كان صينيّ الهوى، فقد تأثَّرتُ بُصوَّرٍ استعرضَت تَفاخُرها أمامي في الفيس، أريد حُقَنَ البريستيج المُصوَّر، الذي سَطَا فيه حُرَّاس المهنة من الأطباء – تواضعًا- على دور المُمرِّض، فتولُّوا عنه غرز الإبر وتمرير القطن، وإلقاء المخلفات في سلَّة المهملات،.. وقد مَهروا في الانسجام مع الدَّور حسب الصُّور!

قام صديقي بالواجب، كانت نقطة التلقيح شبه خالية، استغرقَ التطعيم بالكاد خمس دقائق، قاعة مُكيفة نظيفة، وفتيات مُرتَّبات، والأمور مُنسابة بشكل جيِّد، ولا حاجة لوساطة ولا يحزنون، لكن الذِّهن مُبرمج على مُمارستها تسهيلا للخدمات الطبية.

خاتَلتْني الرَّغبة في التقاط صُورة أعرضها على صفحتي، لكن أخذ المصل سيتطلَّب مني أن أكشفَ عن “جناحي”، ثم تذكرتُ أن تعيين وزير جديد للصَّحة، غالبا ما يُصاحبه صراع أجنحة عدواني، فخفتُ على جناحي.

وصلنا البيت سألتني صديقتي: هل شعرتِ بشيء، قلتُ: أحسستُ بثقل في فكي السفلي، وكتمتُ عنك الإحساس، قالت: أحسستُ الشيء نفسه، مع خدر في لساني وتنمُّل في رجلي اليمنى، أمضينا وقتا في توهُّم أكثر من عرض،.. وفي المساء شعرتُ بحمَّى متوسطة، وهذه قطعا ليست من مُخْتلقات الوسواس.

من سُخرية القدر، أنَّه بعد سنة ونيف من العَدْو هربًا من زعيم الخُلعاء كوفيد، ها هيَّ فُتَّاك فيروسات الصين المسمّنة، تبيت ليلتها في عروقي، تتراقص كالقردة في ممرات دمي، وتبذر فيه فتنة التوجس، هازئة من كبرياء كريَّاتي المُجْبرة على التآنس معها صاغرةً..

أمهلتني ابنة أخي يوما وليلة للتجربة، فإن لم تظهر عليَّ تحَوُّرات في الصَّوت أو الصُّورة ستأخذ بدورها المَصل.
…..ا
طابت ليلتكم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى