هل أضحت محاربة الفساد مجرد شعار

كتب عبد الفتاح ولد اعبيدن من اسطنبول:

الزمان أنفو ـ تابعت مقالا للصحفي الشاب،السالك زيد، نشرته تقدمى،حول التهرب الضريبي،الذى اتهم به رجل الأعمال ،محمد عبد الله ولد إياها،و حدد الصحفي جبل طارق و كناريا لما ادعى من تهرب ضريبي،و قد تضمن المقال ردود المتهم ولد إياها،و كتب ولد إياها ردا مستقلا، نشر اليوم فى بعض وسائل الإعلام.
و لكن فى هذا السياق،الذى يدعى ممتهنوه الطابع الاستقصائي،أود القول، إن المخدرات أخطر من التهرب الضريبي أحيانا،و قد كتبت عن شبهات تدل فى مرحلة معينة،على دخول كميات معتبرة من المخدرات لبلادنا،و لو على سبيل العبور،و قد نشرت معلومات استقصائية مثيرة و دقيقة فى هذا الصدد،قال حنفى ولد ادهاه نفسه،أن الدولة كان يمكن أن تستفيد منها و توشحني، تهنئة على الجهد الإعلامي،لكن فى المقابل سجنت و غرمت ب 300 مليون أوقية(مليون دولار أو أكثر)(7نوفنمبر 2007)،و تخلى زملائي عني،أو على الأصح بعضهم،و رغم أهمية المعلومات المنشورة حينها،لم يتم الأخذ بها محليا،و إن كانت جهات خارجية فهمت من خلالها بعض مجريات الملف الحساس(المخدرات و غسيل الأموال فى موريتانيا).
و سيبقى طرق مثل هذه المواضيع خطيرا و معقدا،و يضر صاحبه أحيانا،أكثر مما يضر المشتغلين به!.
و عالم الأعمال عالميا،و فى أرقى الدول،لا يسلم تماما،من التحايل و العمليات المثيرة للجدل بامتياز،و آن لنا أن ندرك، أننا لا يمكن أن نصبح أكثر ملكية من الملك،كما أن ما هو محل نظر،على دعوى البعض،على الصعيد الرسمي،من مكافحة الفساد،أضحى مجرد شعارات و طريقة لتبادل الأدوار و التضييق على ورثة حكم مخلوع،و فى نطاق ضيق،وصل عندنا،لدرجة الاقتصار على الرئيس السابق،محمد ولد عبد العزيز!.
و ليكن فى علمنا أن رجال أعمالنا، مهما كانت طبيعة تصرفاتهم و مغالطاتهم، فهم يمثلون جزءً معتبرا من مصالحنا الاقتصادية،الداخلية و الخارجية،و إذا ظللنا نتهمهم و نثقل كاهلهم، بقصص و دعاوى،عدم المصداقية،فإننا سنتضرر على أعلى المستويات،لأن كل نظام يأتى يختص لنفسه بفريق و نصيب مدلل من رجال الأعمال،و تسير الأمور فى الأغلب الأعم، على نفس المنوال.
و لا أكتب هذا اليوم،لبث روح اليأس من الإصلاح،أو للدفاع عن زيد أو عمرو،و إنما للتعقل و حساب الخطوات.
فالإعلام مؤثر و خطير،و لا يمكن أن نوغل فى منهجية تشويه جميع رجال أعمالنا،و كأن أترابهم فى العالم أجمع،مثل ماء المزن،و لا يمكن أن نتغافل عن خطورة تشويه سمعة طبقة واسعة من رجال أعمالنا،مع ما قد تكتنفه بعض الأعمال الإعلامية فى هذا المنحى،من عكس أوجه الصراع بين بعض رجال الأعمال أنفسهم.
و إذا كان بعض زملائنا قد اختاروا مصالح ضيقة،بدل مؤازرتي كزميل و ككاتب طرق موضوع المخدرات فى موريتانيا،بطريقة استقصائية،فما قيمة الآن مطاردة ” اطيور اطايرين”!.
ففى آخر عهد ولد عبد العزيز اتجه الاستهداف لدائرة ولد بوعماتو،و بعد أن تنفس ولد بوعماتو، اتجه الآن لتوريط من يتصورهم خصومه، بمستوى ما، فى ميدان المال و الأعمال،و يظل بعض الزملاء فى دائرة التخندق و التوظيف السيزيفي،فإلى متى؟!.
و إنه لجدير بالدولة و المجتمع و الصحافة، إدراك خطورة تشويه سمعة رجال أعمالنا و المبالغة فى تتبع تفاصيل ملفاتهم،،فقد لا يخدم ذلك و لا يحقق سوى إضعاف الاقتصاد الوطني.
و قد لا يعنى هذا التنبيه ترك الصحفيين لأدوارهم الاستقصائية،لكن بتعقل و حساب و موضوعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى