كيف تفكر المافيا؟/عبدالفتاح اعبيدن

الزمان أنفو-

المافيا الموريتانية تقتل على نسق المثل العربي الشهير، “قطع الأرزاق ولا قطع الأعناق”.
فهي تتفادى في الأغلب الأعم الأساليب البدائية، ليس لعدم وحشيتها، وإنما لأنها بدائية.
ومن هذه النماذج في التطبيق المافيوي الموريتاني المتطور والمثير للجدل، تفادي الاغتيالات الجسدية، ولكنهم يقتلون استغفر الله العظيم، نصيبك من المال والكرامة والشجاعة، فهم يلتفون من حولك على الصعيد الشعبي والرسمي بمختلف الطرق ويجعلون منك جسدا خاويا من روح الكرامة يتنفس صاحبه بأكسجين ملوث وعقيدة ضعيفة ونفسية مهزوزة.
وقديما كتبت في ضواحي الكعبة المشرفة بمكة المكرمة سنة 2005 مقالا بعنوان “بوعماتو يحاول كسر قلمي”، واليوم اكتب حياء من زميلي الذي شفع لي محمد أحمد ولد محمد الأمين، لكني أصر على أن اكتب “غزواني يحاول كسر إرادتي”، كان يمكن أن أضع هذا العنوان في مطلع المقال، لكن جدي عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين قال “إذا لم تستحي فاصنع ما شئت”.
كنت أفضل أن أحارب كفاحا نظام الشيخ محمد ولد محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني، بلا أصدقاء داخل النظام، ولكن للأسف قدر الله وما شاء فعل ولا أملك إلا أن ارضى بقضاء الله، ولقد كان من سذاجتي يوما أنني كلمت الجنرال مكت في لقاء مدير الديوان محمد أحمد ولد محمد الأمين، وكان ذلك مطلع 2020، على ما أذكر ربما في شهر فبراير 2020، ولحذاقته وافق على الفكرة واتصل مباشرة بمدير الديوان، فوافق السيد المدير على لقائي، ولما تعذر علي اللقاء اتصلت بديماني مستشار في الرئاسة مكلف بالإعلام، وفي الحقيقة أكاد أعرف الجميع وأسبر أغوار الجميع في هذا البلد، إنسا وجنا وحجرا ومدرا، وبادر هذا الرجل الخلوق الرفيع وكلم مجددا محمد أحمد ولد محمد الأمين في أمر اللقاء واتصل بي مدير الديوان عن طريق أحد اصدقائي المغمورين في الرئاسة “حارس مستور وقور من أصدقاء معاوية”، وتم اللقاء، لكن اللقاء كان تحت شاشات الرقابة الرئاسية، وقبل السادسة مساء اتصل بي مدير الديوان مجددا بعد أن كلم الرئيس وأشار لي بطريقته الخاصة وبأسلوب عملي أن السيد الرئيس مرتاح للقاء وبإقدامي على رئاسة الجمهورية، ويومها أحسست بالخطر لأن ما يحدث مجرد طعم وأن السمكة الكبيرة الثمينة تقترب من الفخ فاضطربت من الداخل وتراجعت قليلا وفكرت مليا وكثيرا وما زلت أفكر، وتردد في نفسي رغم اختلاف الحالتين ما يجري من تجاذب غامض وتعاط خفي مثير بين “أفيتي” وشرطة روصو “أفيتي خمن ابليس، ابليس خمن أفيتي”…!
ورغم اختلاف الحالتين إلا أنهم يعرفونني ويعرفون أنني أعرفهم، والسعيد من اتعظ بغيره وليسألوا ولد عبد العزيز وزبانيته وبوعماتو وأساليبه المافيوية، ما قيمة أساليب الترهيب والترغيب معي، وإلى أين تصل في التأثير على الخط التحريري، إن صح الاطلاق.
فلا مجال لتزكية النفس مطلقا ولا مجال لتبخيسها في المقابل.
المافيا الموريتانية تقتل الضحية وتتركه حيا يتنفس لكنه بلا كرامة وبلا إرادة… غزواني يحاول كسر إرادتي.
المافيا في فنزويلا والمافيا في كولومبيا تقتل وتترك الانسان جثة بلا روح لكنها تترك ثأرا وتترك تفاعلات حرب أهلية، لا ترى المافيا الموريتانية أنها ضرورية لتحقيق أهدافها كلها.
فالمافيا الموريتانية متطورة تستعمل الترهيب في حدود وتستخدم الترغيب في حدود وتصل إلى أهدافها كلها، بحذافيرها، خصوصا في الوقت الراهن على غرار “بط الناس ذوك” لضحاياهم، “باتراب” لكن دون أن يتركوا أثرا، فولد عبد العزيز أوشك على الموت وما بقي من حياته لا قيمة له بعد كل هذه الحرب الإعلامية والمنازلة القذرة، أما عبد الفتاح ولد اعبيدن القصير النظر القليلة الحيلة فمجرد واجهة لجنود الأرض والسماء ومخطط انقاذي قادم مرتقب، ويبدو أنهم لن يصلوا إليه بسوء فرأس المافيا حليفه، ومدير ديوانه محاميه، حسب تصريحه الشخصي، ومدير أمنه خليله وصفيه وثقته، وقاد قواته السابق، هو نفسه من دفع للرئيس المرتقب بساحة المعركة التي تحددت ملامح نهايتها قبل أن تبدأ.
أما من ينظم السيارات داخل المدينة ونزل من السماء إلى الأرض وبدأ ظاهرا بتنظيم السيارات فتلك إشارة واضحة أن المعركة قد بدأت فالرجل بات جزء من اللعبة، وبات لزاما تغيير مرحلة غزواني يحاول كسر إرادتي إلى مرحلة التحالف غير المتكافئ، فهل هو على قرار صحبة 40 سنة بين عزيز وغزواني انتهت بطريقة قذرة على رأي البعض، بينما يدعي البعض أن ولد عبد العزيز كان يريد الفتك، غير أننا نطبق في هذا السياق قول أحدهم جرت به الركبان في أمر “لكزان” “ما كذبناه ولا صدقناه”.
أتدرون من الاسم السري الحركي للقائد الرمز الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز في سوق الغمار أيام كان قائدا لكتيبة الأمن الرئاسي “يبر”، وظلوا يزمونه إلى أن التزم بدفع نوق في العصماء، أما صاحبهم الحالي فسنتوقف عنه إلى حين نهاية مأموريته في الحكم، ليس خوفا من قانون الرموز “الرمز الغباري”، القانون سيئ السمعة، وإنما احتراما لأنفسنا ولشعبنا ودولتنا ولنظامنا السياسي القائم، تحت قيادة صاحب الفخامة محمد ولد محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني، لكنني أنصح الوسيط الاجتماعي الشهير هذه الأيام “اسويدي أعمر”، بأنه لا داعي لبناء مسجد، من مال شديد القذارة والشبهة.
وباختصار إذا كانت المافيا الموريتانية التي تحاول ايقاع ولد الغزواني في الفخ، تدعي زورا وبهتانا، وهي غير متنفذة في الصف الأول، أنها تملك إقلالا وأقفالا وغرامات جاهزة و”أحكم قضائية” تحت الطلب سريعة الطبخ والاخراج؟، فإن واقع الأمر مختلف واسويدي أعمر اغلقت من أمامه الأبواب ومن خلفه وعود كاذبة ومن خلفه ثعابين وأسود شديدة البأس ولا يعرف الكثيرون أن اقحامه ليس سوى رمز من رموزهم التي كانوا يحاولون حمايتها، للإضرار بسيادة الرئيس وسمعته، وما علموا أن قانون الرموز خطة فتاكة وفتنة خبيثة عميقة للإيقاع بين صحافة موريتانيا ومدونيها وكافة أفراد شعبها تقريبا ورأس النظام المحصن بإذن الله محمد ولد محمد أحمد ولد الشيخ ولد الغزواني، لكن الرئيس اكتشف خبز الخطاب، بعد أن نجح البعض عن قصد وغير قصد في ايقاعه نسبيا في هذه الحفرة “قانون الرموز”، ليتحكموا فيه أكثر، ما دامو يأسوا من نظام حكمه، (وزير الدفاع، وزير الداخلية، وزير العدل، سفير موريتانيا لدى اليونسكو)، وقدم الأسد لتعزيز الحلف الثنائي غزواني ومدير ديوانه ودخل خفية وبدأت الطيور، ونجحت الخطة و”استوت السفينة على الجودي”.
وفي وجه آخر من قصصهم، وفي سياق تجربتهم القديمة الجديدة المتجددة ضاعت أخلاق بعضهم فهم مدمنون على القمار داخليا وخارجيا، ولا تكاد تجد مسؤولا كبيرا في بعض جوانب إدارتهم في أيام سالفة على الأقل ما قبل مرحلة الشيخ الغزواني، ألا وهو سكير عربيد معروف بخمرة معتقة تكاد تشابه خمرة بن نواس، أما نسائهم فيسافرون إلى “عبد الله” في المغرب للتجارة ظاهريا وهو يبيتون مع أجانب..
مثل هذا المجتمع ينبغي أن نحذر منه، ما فيوي بامتياز، ولو لم يكتب هذا المقال لكنتم ضحية انتقام رباني، قال تعالى: “وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا”.
لكنني شفعت لكم في هذه تبعا لصلتي بجدي، “يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ(88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ”.
ولله الأمر من قبل ومن بعد، وإلى حلقة ثانية بعد عودتي من رحلة قصيرة إلى مدينة روصو، بيت العز، ومعقل “الخالفه الكحله” والفهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى