التحالف الشعبي التقدمي ينتقد اللجنة الوطنية للإنتخابات(بيان)

مازالت المعلومات تتوالى، والأخبار تتلاحق حول سلوك وممارسات اللجنة المستقلة للانتخابات، وما تأتيه من خروقات وتقع فيه من شبهات، هي أبعد ما يكون من طبيعتها المفترضة ودورها الذي من أجله أنشئت.

 تلك الأخبار والمعلومات التي تأتي وفاقا مع طبيعة اللجنة التي نشأت عليها منذ يومها الأول؛ كما دلت عليها بداياتها في تشكيل جهازها الإداري، وما صاحبه من إجراءات جاءت مؤذنة بالقصور وسوء فهم الدور المنوط بها؛ مؤكدة جهل الحدود التي لا يجوز  للجنة أن تتجاوزها حين لا تراعي الضوابط القانونية، ولا السياق السياسي الذي اقتضى، من أشد ما اقتضى إلحاحا، الاتفاق على لجنة مستقلة للانتخابات تستجيب لضرورات المرحلة؛ بكفاءتها وحيادها واستقلاليتها

 ونحن في التحالف الشعبي التقدمي قد حرصنا كل الحرص على أن تتوافر للجنة المستندات القانونية، وشروط التشكيل، والمستلزمات المادية واللوجستية، ناهيك عن استقلالية القرار والشخصية المعنوية اللازمة. وعملا على تحقيق ذلك كانت استماتتنا وجهودنا المضنية؛ وحرصنا على الوقوف في وجه كل بادرة أو موقف، يتنافي معه؛ وسواء في ذلك ما قد يفهم على أنه محاولة للتدخل في عمل اللجنة، أو المس من صلاحياتها؛ وما يصدر عن اللجنة ذاتها مما يتنافى مع دورها وطبيعتها.

 إن طبيعة اللجنة ودورها كانا من أهم المنشود من الحوار، الذي انتهى إلى ضرورة إيجاد الضمانات الأساسية لتنظيم انتخابات نزيهة وشفافة، يطمئن الجميع إلى نتائجها؛ سعيا إلى الخروج من الأزمة التي عرفتها البلاد. وليس من سبيل إلى ذلك سوى التوافق على لجنة للإشراف على الانتخابات بالشروط  والمواصفات المتفق عليها.

 وقد كان الإجماع على أن التحدي الأكبر الذي ستواجهه العملية الانتخابية هو القدرة على الفكاك من تأثير الإدارة وهيمنتها، تلك الإدارة المتفق على أنها بؤرة الفساد الذي تجب مكافحته. غير أن اللجنة نسيت، أو تجاهلت كل ذلك؛ وبدت وكأنها كاملة التفويض؛ تقوم مقام الإدارة و الفرقاء السياسيين؛ دون تشاور، ودون مراعاة النصوص المحددة للدور، ولا التقاليد المعمول على إرسائها. 

 لهذه الأسباب حين أعلن التحالف الشعبي التقدمي عن خيبة أمله في اللجنة، ومفاجأته بإجراءاتها في تشكيل نواتها الإدارية، ثم في مواقفها وقراراتها من جانب واحد بتحديد مواعيد الانتخابات، الأمر الذي لا اعتراض عليه في صلاحياتها، ولكن بشرط التشاور مع الفرقاء السياسيين، وهو ما لم يقع قطعا. وتتلاحق أخطاء اللجنة لتقوم باكتتاب موظفين لتوسعتها، ودون شروط الاكتتاب القانونية المنصوص عليها؛ عكس ما كانت تقوم به الإدارة التي كانت تراعي شروط الاكتتاب حسب ما تنص عليه قوانين الوظيفة العمومية، من أهلية للوظيفة، إعلان للاختيار، ودون التشاور مع الفرقاء ـ لهذه الأسباب فإن التحالف الشعبي التقدمي لم يتردد في إدانة هذه التصرفات، وهو ما عبر عنه في مناسبات عديدة وسعى إلى أن تتولى اللجنة نفسها تداركه، وتعمل على تصحيحه؛ وقد ضمنا بياننا الأسبوع الماضي ما كان ضروريا أن نبين.

 ولكن اللجنة تبدو حريصة على التمادي في أخطائها مواصلة نهجها وفق ما كان يعاب على الإدارة؛ مما يعوق الروح الجماعية والشفافية والتشاور. وقد نبهنا إلى أن ذلك هو المحصلة الطبيعية لتشكيلة اللجنة، وهو ما تحكم في توسعتها وطبيعة قراراتها؛ حيث ما زال تكريس أخطاء الإدارة، والمحاصصة والزبونية والقبلية والجهوية، التي هي تكريس ثقافة الأحادية والإقصاء على حاله؛ ناهيك عن العجز وفقدان الأهلية فيمن تم اختيارهم.

 غير أن الأدهى أن يطالعنا رئيس تلك الهيئة بادعاء أن كل ما بدر من هيئته كان وفق النصوص والمحددات المتوافق عليها؛ وهذه ـ هي الأخرى ـ أكبر من أختها؛ بل هي أكبر من أخواتها اللائي سبقن. وأشد من ذلك استهجانا هذا الذي تأكد في هذه الأيام وأصبح الشغل الشاغل للجميع، وهو الانهماك في الأمور التي ليست من اختصاص اللجنة في شيء؛ مثل عمليات التسجيل، وعلى امتداد التراب الوطني، التي تورط فيها أعوان اللجنة، بشكل يتنافى مع الصيغ القانونية؛ ومن أمثلة تلك الخروقات؛ لا حصرها: ما جرى في أدباي الحجاج في البراكنة، من تسجيل المئات بالنيابة؛ وفي امبرة في الحوض الشرقي؛ وفي بير أم اكرين، حيث تم تسجيل غير مواطنين، مثلما ما بينا من قبل أنه تم في الحوض الشرقي؛ ويجري الآن التسجيل في عدة مقاطعات في نواكشوط؛ وفي وادي الناقة، ومن أوضح تلك الخروق التسجيل الجماعي بنقل موظفي التسجيل إلى خيمة لا يقطنها سوى عجوزين هرمتين، وتسجيل 86 شخصا لدى الكيلومتر 59على طريق الأمل؛ وبالطريقة ذاتها، في نفس المقاطعة سجلت 38 ناخبا في مكان آخر. هذه الخروقات تضاف إلى فضائح اللجنة التي تضيق عنها ملفات من سيتصدى للتحقيق.

 إننا في التحالف الشعبي التقدمي إذ نذكر بالطبيعة المفترضة والمنصوص عليها في اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، كما هي محددة في نتائج الحوار؛ وإذ نذكر ذات الوقت بالطبيعة والدور والصفة التي تحاول اللجنة  الحالية أن تختار لنفسها؛ والنهج الذي تعمل على فرضه في الانتخابات المقرر إجراؤها في الشهر القادم ـ فـإننا نؤكد أنه أصبح من الضروري ـ من أجل تنظيم انتخابات ذات مصداقية ـ أن توسع اللجنة الحالية ـ على الأقل ـ بإضافة عناصر تتوافر فيها الشروط المتفق عليها في اللجنة المفترضة؛لتتحلى بالأهلية والصدق والأمانة والحياد؛ لتصبح اللجنة قادرة على الإشراف على انتخابات نزيهة وشفافة.

 كما يجب ـ علاوة على ذلك ـ إنشاء المرصد الوطني لمراقبة الانتخابات، الذي تم إقرار ضرورة وجوده؛ ضمانا لسلامة سير عملية الانتخابات ونزاهتها.

 وما لم يتم توسيع اللجنة، وفق هذه الشروط، مع إقامة المرصد، فإن مشاركة، حتى من يتهيئون للمشاركة غير مؤكدة، وليس مبدأ المشاركة على إطلاقه.

 نواكشوط في 15/10/2013

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى