أطار عين الإعصار

يتوقع خلال الاقتراع المنتظر (وخصوصا في أجواء الحملة الانتخابية) أن ينطلق جو انتخابي-يماثل الإعصار العاصف المحطم- حيث سيكون أطار يوم 23 نوفمبر 2013 وما بعده مختلفين اختلافا جذريا.

إن الأطاريين يعرفون أن مرشح نظام معين، يدافع عن شخص عسكري حاكم، لا يصب بالضرورة في مصلحة أهل أطار الاجتماعية والتنموية والاقتصادية وغيرها، وإنما كان الصوت النيابي في الجمعية الوطنية، مدافعا عن مصالح ذلك الشخص المتغلب، وإن توسع الأمر فلصالح النظام القائم الهش، وليس مصالح الدولة-والدولة أوسع بكثير من النظام- بل وصل الأمر إلى تجاهل هجمة الوباء (حمى الوادي المتصدع) وأزمة رجال الأعمال الثلاثة: اشريف ولد عبد الله، عبدو ولد محم ومحمد ولد نويكظ، إبان انحيازهم المشروع إلى أحد المترشحين في رئاسيات 2009 أحمد ولد داداه، زعيم المعارضة الحالي.

وقد ظلت مدينة أطار تعاني من إهمال من انتخب بإسمها –ممثلا لدى غرفتي البرلمان- وخصوصا على مستوى الجمعية الوطنية، سواء في عهد إنقلابي 2005 و2008 (أيام اعل وسيدي وعزيز)، وكذلك -من قبل- أيام الرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

بنيت المؤسسات وعولجت الواحات، واشترى من لم يكن يملك باسمه مأوى، منزلا في نواكشوط (شمال تفرغ زينه)، من أصوات المقترعين بعد نيابيات 2006، ولكن أطار لم تطرح همومه ولا هموم بعض مواطنيه، على أقل تقدير.

بل العكس، استغل المقعد المهم النوعي ( انتماء عائليا وخلفية) لإسقاط أول رئيس منتخب وأهملت الهامات الكبيرة، التي مول بعضها الحملة بسخاء.

أجل، لن يكرر المقترع الذكي المهزلة، فلا صوت لمرشح مؤسسة تجارية، ولا صوت مرتقب (إلا لماما) لشخص أو مرشح (لنظام إنقلابي فاشل) أثبت أنه يدافع عن من رشحه (أي السلطة المتغلبة)، ولا تهمه معاناة ولا عطش ولا جوع ولا سجن ولا تسليم ولا موت، من بذل الجهد الانتخابي المضني، في الليل والنهار، وما بينهما إن وجد، لإيصاله لقبة البرلمان.

وقد لا يقتصر التغيير المنتظر الإنتقامي (من جراء الإستهزاء والتلاعب بأصوات المواطنين ظنا بالأطاريين الغباء المطلق المستمر)، أقول قل لا يقتصر هذا التغيير على المقعدين البرلمانيين الأطاريين، وإنما -ولو بعسر- قد يصل إلى البلدية، لأن من يحرص على الوصول إليها لا عبر النيابة، بعد إستقالة محمد ولد عبد الله ولد عبيد المثيرة، وإنما عن طريق إقتراع مباشر.

أقول هذا المرشح إستطاع تنظيف المدينة نسبيا، لكنه يصر على مصادرة وتجاوز رأي أغلب الأطاريين، رأيهم فيمن يرشحون لإدارة بلديتهم المركزية، فلا يكفي ولاء النظام أو ترشيحه في آخر لحظة على حساب ولد الحاج المخطار المغدور، بل لابد من الرجوع للعمق الاجتماعي والشعبي الأطاري، وهو العمق الإنتخابي الحقيقي المعروف بجميع تفاصيله.

فالحزب الحاكم لن يكون أبدا (أي حزب عزيز) الإنقلابي الحاقد على أهل أطار وجماعة معاوية بوجه خاص، سبيلا لأي مرشح للنجاح، إلا المتحالفين -من مرشحي الحزب الحاكم- مع موجة التغيير الإنتخابي السلمي المبارك الحتمي إن شاء الله.

أطار عين الإعصار الإنتخابي، فما سيحصل فيها حسب مؤشرات جدية صلبة، سيحمل رسالة انتخابية قوية لكافة الموريتانيين، بإمكانية ترحيل النظام العفن عن طريق صندوق الإقتراع الحضاري الديمقراطي.

وحين يعرقل، أو يزور النظام القائم، سيحدث (دون مقدمات أو إمكانية تحكم) ما حدث في مصر على الأقل، أو دونه، دون دماء إن شاء الله.

ومهما كانت التكلفة (بإذن الله) سينزاح النظام الإستبدادي القائم، بعيدا عن التحامل على مؤسستنا العسكرية الغالية أو طرف إجتماعي بعينه، أو حتى الشخص الأول المعني بإنقلابي 2005 و2008 ، وما تبعهما مما أكل الأخضر واليابس في حيز بشرى ضيق، وأحيانا كثيرة تكدس وتحبس الأموال في الخارج، دون أي منفعة لمواطنيه، حتى الذين سرقوه جهارا نهارا.

الأطاري أمام مسؤولية تاريخية، فإعادة الثقة فيمن إختار مصالح شخص يحكم على حساب مصالح وطن وسواد أعظم من الناس، صوت لهذا الشخص، أمر فادح ويدل على عدم الوعي، والتلاعب بمصالح الذات والغير، ولن ينجر إليه الكثيرون –بإذن الله- نظرا للتجارب السابقة المرة النتائج والواضحة والفادحة الخسائر ذات الطابع العام، ونظرا للفهم والمسؤولية السياسية والدينية المعروفة لدى أغلب الناخبين الأطاريين الأذكياء.

فأطار معقل قديم للانتخاب منذ أربعينيات القرن المنصرم، ومهد مدني عريق يليق به قيادة هذا التغيير الإنتخابي المرتقب، سواء كان في صالح مرشحي حزب “تواصل” أو “الإصلاح” أو بعض أحزاب الأغلبية الرئاسية المغردة خارج السرب الضيق بعشاق الحرية والإنعتاق، وهذه فرصتهم، وطبعا لن يضيعوها بذكاء وستر لن تهزمه الأموال المشبوهة أو السلطات القبلية المهترئة.

وعندما يتقدم تاجر (بشخص من أقرب الناس إليه) لكسب المقعد محل الصراع المرير الجاد التاريخي، وبشبهة الدفاع عن مصالح مؤسسة تجارية معروفة، كسبت بالطرق الشرعية وغير الشرعية، واليوم تسعى للاستحواذ على تمثيل الأطاريين، لا للدفاع عن مصالح غالبيتهم -حسب التجربة- وإنما للمزيد من النفوذ الضيق المافوي، فذلك ربما يكون أخطر من بقاء مرشح الحزب الحاكم، من باب المبالغة في القول على الأقل.

والأمران أحلاهما مر زعاق!!!.

وأهل أطار أوعى، من أن يلدغوا من جحر واحد مرتين.

وقد تحصل المفاجأة في الإقليم الأوجفتي المجاور، عبر كسب ولد احمد أعمر للمقعدين، النائب والعمدة، لأسباب متعددة،  ليس هذا مجال تبيينها.

من الصعب أن يكسب الحزب الحاكم في أي دائرة انتخابية على مستوى أطار (المقاطعة) وربما بوجه عام على مستوى ولاية آدرار، مما يؤشر لإعصار انتخابي شامل، يمهد للراحة-بأمانة وسلم وحكمة- بعيدا عن تصفية الحسابات والظلم (فكما تدين تدان).

الراحة إذن من هذا البلاء العزيزي المتصاعد المتفاقم.

 

بقلم: عبد الرحمن ولد أحمد مولود –نواذيبو-

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى