نظرية “سونوغو” موريتانيا في التسيير

يدرس في تسيير المشاريع أنه لا بد لأي مشروع كان من دراسة ومتابعة وتقويم ، وفي المشاريع الكبرى الاستخلاص من كيفية التغلب على المشاكل والنظر إلى الأهداف المحددة والأولويات .

لكن بعد قيام “سونوغو” ورجل الظل بفعلتهما . أطل علينا بنظريته الشهيرة أنه لا فائدة من الدراسات فهي مجرد مضيعة للمال والوقت .

 

وبدأ بتطبيق هذه النظرية على أرض الواقع ، فشيدت الطرق في جميع إنحاء العاصمة وكذا المستشفيات والمطار الدولي الجديد . وأسست شركة للطيران جديدة وصندوق التنمية والإيداع جديد . كل هذا بسرعة البرق وبدون دراسة متخصصة ومتأنية . لكن ما أن سقطت أمطار خفيفة حتى اكتشفنا فجأة أن أغلب هذه المشاريع التنموية توقف لأخطاء فنية تستوجب الإعادة من جديد من ما يعني هدر المليارات من المال العام . وفي أحسن الحال تتوقف المشاريع على وضع الحجر الأساس مع فبركة إعلانية تجعلنا نظن أن وضع الحجر الأساس للمشروع هو التدشين .

أما ما يعني المشاريع الاقتصادية الخاصة فتم تنفير رجال الأعمال الوطنين بسبب المنافسة الغير شريفة ، مما جعل اغلبهم يستثمر في الدول الأجنبية المجاورة ، ومن هذه الأسباب أيضا فرض الضرائب المجحفة وفرض المساهمات المالية الكبيرة في الحملات السياسية .

أما الشركاء الأجنبيين فيتم تلويث المناخ الاقتصادي عليهم فالبعض تطلب منهم العمولات والآخر يسيس له القضاء .

أما الجانب التعليمي والصحي فلا نرى استراتيجيات متوسطة أو طويلة المدى . فالكل يعمل على المدى القصير ، ففي التعليم لم نرى استراتيجية واضحة تنظر بعين الاعتبار إلى تدعيم الوحدة الوطنية بنظام تربوي جديد يجمع مختلف شرائح المجتمع في نفس الفصل الدراسي . فللأسف هذه الشريحة تدرس باللغة العربية وهذه أخرى باللغة الفرنسية ، وهذه في مدارس خصوصية وأخري في مدارس حكومية .

أما الجانب الصحي فها نحن نقترب من سنة 2015 ولم نقترب مما التزمنا للوصول إليه من الأهداف الألفية للتنمية ل 2015.

لقد اتضح أن تسيير البلدان لا بد له من الدراسات المتأنية واستشارة الخبرات المتخصصة.

والوصول إلى الأهداف الكبرى والتنمية الاقتصادية لابد لها من المعرفة والدراسات المتخصصة والصبر على تحقيق الأهداف المحددة .

كما أن عملية التنمية يجب إشراك فيها كل الخبرات الوطنية دون إقصاء أو تمييز.

لقد أثبتت التجارب أن تسييس التعيينات أمر خطير ، فقد يتسبب في فشل المشاريع أو في احسن الاحوال عدم الوصول إلى الأهداف المطلوبة.

فهناك مؤسسات اقتصادية وطنية كبرى يتم تعيين مسئوليها على أساس الولاء السياسي . في الوقت الذي كان يجب إبعادها عن السياسة وتعيين عليها بعض الكفاءات الوطنية المتخصصة.

كما أن جعلها بقرة حلوب لتمويل المشاريع الانتخابية بعيدا عن مجال تدخلها، كل هذا يحد من تطويرها وقدرتـها على المنافسة الدولية.

كما أن الزج بمؤسسات المالية الوطنية في السياسة أمر خطير ، فلكي يمول مشروع تنموي يجب النظر في جدوائية المشروع وإمكانية خلق فرص للعمل وتقديم المساعدة الفنية للمستفيدين وكذا متابعة وتقويم مراحل المشروع حتى نضمن له النجاح والاستمرارية .

فعلى سبيل المثال ، يجب دعم وتشجيع المشاريع الزراعية الصغرى والكبرى من طرف الصناديق المالية الوطنية .

فلكي نحقق تنمية اقتصادية في بلدنا لابد من تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال الزراعي .

فيجب أن تكون القروض المقدمة تهدف إلى الاسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لا الأهداف السياسية والانتخابية.

فلحل مشكل البطالة المتفشية في الشباب لا بد من تشخيص لواقع سوق العمل وحاجياته ومن ثم التأطير المناسب قصد الإدماج بشكل يساهم في تطوير الاقتصاد الوطني.

 

 

إن العائق الأساسي أمام حل كل هذه المشكلات يكمن فيما يلي :

1.إقصاء الكفاءات على أسس سياسية وانتخابية بحتة على حساب تنمية البلد .

2.انشغال الطقمة الحاكمة في جمع الأموال بشتى الطرق على حساب المشاريع الوطنية .

3.غياب أي سياسة معقلنة تعتمد على المقاييس المتعارف عليها دوليا .

4.انشغال النظام الحالي في ترسيخ أقدامه في الحكم بأي ثمن.

5.انعدام الحس الاستراتيجي لدى السلطة الحاكمة في مختلف المجالات

6.انتهاز فرصة محدودية وعي أغلب المواطنين لتكريس هذا الواقع من خلال إطلاق الوعود الفارغة وشراء الذمم خلال المواسم الانتخابية .

فكل هذا يستدعى من القوى الحية والنخب وأصحاب الضمائر والخيرين لانتهاز أول فرصة انتخابية متاحة لمحاولة تغيير هذا الواقع المر .

واعتقد أن اتفاق جميع هؤلاء على شخصية وطنية قادرة أن تكون محل إجماع وتحمل الكفاءات المطلوبة في هذا المجال قد يكون على الأقل خطوة أولى جادة لتغير هذا الواقع والوصول بنا إلى مرحلة ديمقراطية صحيحة واقتصاد ينمو بشكل طبيعي وإلى عدالة تسود الجميع .

 

بكار ولد العاقب

ماجستير تسيير المشاريع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى