ولد مدو: الحسانية ليست لهجة بل كينونة وهوية مشتركة بين موريتانيا والجزائر

الزمان أنفو _ أكد وزير الثقافة، الحسين ولد مدو، أن الحسانية ليست مجرد وسيلة تواصل، بل هي “جوهرة لغوية نادرة” تجسد منظومة متكاملة من الأخلاق والقيم والمفاهيم، وتحمل في طياتها صفاء وصدق الصحراء، كما تتجلى في الشعر والأمثال والسرديات، ومتونهـا الغنية بالفقه والأصول واللغة والفلسفة.
جاء ذلك في كلمته خلال افتتاح تظاهرة “الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية لعام 2025″، حيث قال إن الاحتفاء بالحسانية هو احتفاء بـ”لسان جميل رسمته ألسنة الرمل وظلال الخيام، وحنين النوق وأريج الكتب، وصهيل الخيل، إنه شذى الصحراء ونشيد البادية والأصالة والانتماء”.
وأضاف أن الثقافة الحسانية تتجاوز حدود اللغة لتكون امتداداً للكينونة والتاريخ، وحاملةً لنمط حياة تحكمه المروءة والأنفة والإرادة والشجن، مؤكداً أن موريتانيا تُعدّ من أبرز حواضن هذه الثقافة ومركز إشعاعها العلمي والأدبي، ومنها انطلقت قواميسها ومتونها الغنية، وشدا بها شعراؤها وأدباؤها من أمثال ولد أنجرتو، وولد هدار، ومحمود أمانه، وغيرهم.
وأشار الوزير إلى أن هذا الموروث الثقافي ظل حياً عبر القرون، يتداوله المئات من أعلام الأدب الحساني، وما تزال مفرداته العميقة تنبض بالحياة وتعبر عن مشاعر الإنسان كافة.
وفي ذات السياق، اعتبر أن اختيار الجزائر ذات الإرث الثوري والثقافي العريق لتكون عاصمة للثقافة الحسانية هو قرار بالغ الدلالة، يعكس عمق الروابط التاريخية والثقافية بين شعبي البلدين، ويوضح أن الحسانية إرث مشترك لم يعرف حدوداً إدارية، بل خطّته القوافل والقصائد والمجالس.
كما حذر من التحديات التي تواجه الثقافة الحسانية، في ظل العولمة وتآكل الذاكرة وتراجع أدوات التوريث الشفهي، داعياً إلى استغلال هذه التظاهرة لتجديد العهد مع هذا الموروث الغني وتطوير أدوات صونه ونقله، وجعله مصدر إبداع وهوية حية.
وكشف ولد مدو عن أن الحكومة بصدد تنفيذ استراتيجية وطنية للنهوض بالثقافة الحسانية، تشمل التوثيق، والدعم المؤسسي، وتنمية الصناعات الإبداعية، وتشجيع البحث الأكاديمي، وتنظيم المهرجانات المتخصصة.
وختم الوزير كلمته بالقول: “إن ما يجمع موريتانيا والجزائر أعمق من العلاقات الرسمية؛ إنه تاريخ مشترك من الكفاح، وأفق واحد من الأمل، وأرضية واحدة من الثقافة، وها نحن اليوم نكتب صفحة جديدة من هذا التاريخ عبر هذه التظاهرة المباركة، التي نرجو أن تكون بداية لمبادرات تعزز البعد الثقافي في علاقاتنا الثنائية.”