رحيل الباذل الكريم.. دمعة على الشريف محمد الزين ولد القاسم

عبدالله محمدالفتح:

الزمان أنفو – قال الله تعالى:
“الذين يُنفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يُتبعون ما أنفقوا منًّا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون” [البقرة: 262]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
“خير الصدقة سقي الماء” رواه أحمد.

لعمرك ما الرزية فقدُ مالٍ
ولا فرسٍ تموتُ ولا بعيرُ
ولكن الرزيةَ موتُ حرٍّ
يموتُ بموتهِ خلقٌ كثيرُ

برحيل الشريف محمد الزين ولد القاسم، ترجّل فارس الجود والإحسان، وانطوت صفحة من أنبل صفحات البذل في بلادنا، صفحة نُقشت فيها أعمال البر والإصلاح، وارتوت بدموع اليتامى والمساكين الذين طالما جبر خواطرهم بماله وحنانه.

لقد صدق فيه قول الله تعالى:

“وفي أموالهم حق للسائل والمحروم” .

فقد عاش الراحل زاهداً متواضعاً، بعيداً عن الأضواء، قريباً من المحتاجين، يحمل همّ العطاش في الفيافي والبوادي، فيحفر لهم الآبار في السباسب والصحارى، ويُشيّد المساجد، ويعمر المحاظر، ويكفل الأيتام وطلاب العلم، ويسعى في إصلاح ذات البين.
أعماله الصالحة شاهدة في آدرار وتكانت ولعصابه وأفله، تشهد له لا عليه، فكم من بئر تفجّر بدعائه، وكم من مسجد عُمّر بسخائه، وكم من قلب أحياه بعطائه.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

“إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له” رواه مسلم.

ولقد جمع الشريف بين هذه الثلاث جميعًا: صدقته الجارية في الآبار والمساجد، وعلمه الذي بثّه في طلابه ومحاظره، وذريته الطيبة التي تقتفي أثره.

رحل الرجل الصالح الذي لم يعرف الناس له مَنًّا ولا رياء، بل كان عطاؤه سراً في ليلٍ وعلانيةً في نهار، امتثالا ل قوله تعالى:

“إنما نُطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً” .

واليوم، تتوشح المحاظر بالسواد، وتخيم على المساجد غمامة من الحزن، إذ فقدت ركناً من أركان البر والعطاء، وبكت القفار التي كانت تشرب من سيب مياهه، وذرفت دموعها آبار الخير التي شادها بيمينه.

وإنا والله لمحزونون على فراقه، ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا:

“إنا لله وإنا إليه راجعون” .

اللهم اجزه عن الفقراء واليتامى وطلاب العلم خير الجزاء،
اللهم ابدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله،
واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس.

تعازينا الخالصة للدوحة العلوية والجكنية، ولكل محبيه وطلابه وفاعلي الخير في ربوع الوطن، سائلين الله أن يتقبله في الصالحين، وأن يجعل كل بئرٍ حفرها وكل مسجدٍ بناه شفيعاً له يوم يلقى الله.

رحم الله من عاش للخير ومات على البذل،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى