رحيل الشيخ أباه أحمد خليفه.. صفحة من نور تنطوي .
القاضي الخليل بومن

الزمان أنفو (نواكشوط): رحل عن دنيانا ليلة البارحة شقيق والدي وعمي العزيز الشيخ أباه أحمد خليفه، وبرحيله تطوى صفحة مضيئة من القناعة والتوكل وملازمة قراءة القرآن، والتعلق بالمساجد، وحب الخير للناس، وحسن الظن بهم.

رحلت مدرسة تقليدية أصيلة لم تبدأ فقط مع والدته أم الفضل والكرم زينب منت محمد الحسن بن الشيخ، مدرسة القرآن للأجيال، ولا جدته لأم بته منت اجيون التي درست هي الأخرى القرآن لعدة أجيال في شنقيط ولازمت قراءته والعمل به حتى آخر يوم لهما، بل بدأت مع صاحب وقته في العلم والفتيا والرياسة والصلاح في شنقيط العالم العلّامة الطالب محمد بن المختار بلعمش، شيخ بن رزاكه ومفتي الديار الشنقيطية وقتها، ثم بعده ابنه سيدي محمد، ثم أحمد خليفه العالم المعروف أحد شيوخ سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم، ثم بعده عبد الله ومحمد آخر علماء شنقيط، وصولًا إلى الأب الموالي له العارف بالله محمد السالك صاحب الذوق العلمي والصوفي الرفيع حين سمّى كبير أبنائه على الشيخ محمد الحافظ بن الطلبه، علمًا سفير الطريقة التجانية في شبه المنطقة، وسمّى الفقيد الشيخ أباه على عالم عصره العلامة المجدد محمد فال بن باب بن أحمد بيب، جدّ العلامة أباه ولد عبد الله وسميّه.
هكذا توارثت أجيالنا أسماء وأذواقًا وعلومًا ومعارف، وهممًا عالية، وقناعة وشجاعة يعرفها من يعرفهم من القوم والأهل، ولها ـ والحمد لله ـ شواهد كثيرة بفضله، حيث كانت مدرسة تربوية أنجبت أجيالًا سيظلون شاهدين على هذه الهمة العالية وهذا الفضل الكبير.
(أما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
كان الفقيد رحمه الله ابن هذه المدرسة العريقة، تحلّى بقيمها وأخلاقها خلال مسيرته المباركة كلها، ما يقارب تسعين سنة بفضل الله، عضّ فيها كلها بالنواجذ على هذه القيم وهذه المبادئ الموروثة أبًا عن جد وأمًّا عن جدة، لم يبدّل ولم يحرّف ولم ينحرف، وهذه هي محجة آبائه وأجداده وإخوته وأخواته رحمهم الله جميعًا، والحمد لله رب العالمين، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
رحم الله والدنا الشيخ أباه محمد السالك برحمته الواسعة، وأدخله بمنّه وفضله أعلى الجنان مع أهله الصالحين.
القاضي الخليل ولد بومن أحمدخليفة
10نفمبر2025


