قضاؤنا المرتهن إلى أين؟

منذ أشهر تعرض الزميل حنفي للضرب المبرح من قبل بعض المقربين من ولد عبد العزيز، الحاكم العسكري الإنقلابي، وذلك حسب مصادر مقربة من الزميل نفسه، والتي تثبت -أي هذه المصادر المشار إليها- إشتراك عدة أفراد في الاعتداء البغيض الساقط الدنيء، على زميلنا حنفي ولد ادهاه، ومن الغريب في الأمر أن الزميل بعدما تعرض لمحاولة القتل هذه، التي أنقذه الله منها، والتي وصفها -هو شخصيا- بالشروع في محاولة القتل وليس الاعتداء فحسب.

أقول من الغريب أن الوكيل الحالي لم يتصرف حتى الآن اتجاه البحث العملي، في مدى مصداقية شكوى الزميل، وما مدى قيمة أدلته وشواهده المختلفة.

فهل حدث ذلك، لأن قضاءنا مرتهن للسلطة التنفيذية، وما له صله بها من قريب أو بعيد، وخصوصا رأس النظام ودائرته العائلية الضيقة، و”مافياه”، سواء من المدنيين أو العسكريين.

ثم جاءت حادثة أكثر فداحة، وفي يوم جمعة، هدد النقيب المقرب من الحاكم العسكري عزيز، أقول هدد هذا النقيب المتغطرس المغرور في يوم واحد صحفيا جسورا لا يبارى في ساحة المعارك الإعلامية بوجه خاص، وأردف عليه ابن عمه النائب الصمود الخلوق ذي الصلات الطيبة بالكثيرين نائب مقاطعة بير آم اكرين محمد سالم ولد نويكظ، وصرحت والنائب بما حصل  معنا، من تهديد صريح بالقتل، من طرف الضابط المذكور!.

أجل التهديد بالقتل، والمسجل تلقائيا لدى موريتل، وإثباته أبسط من “شراب الماء”، لدى الوكيل وجميع الجهات القضائية المعنية، عندما يدخل هذا الملف بصدق وعدالة في التحقيق المنشود المفقود حتى الآن!

لكن هذا الوكيل فضل الصمت، وتجاهل بصورة أو بأخرى شكواي وشكوى زميلي، وحتى الآن لم يتصرف لصالح مظالمنا!!!.

ورغم أني واثق في بقية خير  في القضاء الموريتاني، إلا أن التيار الغالب هو الارتهان الكامل للقوي عموما المتغلب، وبوجه خاص الجانب الأعلى من السلطة التنفيذية.

ومازلت بأمل ضعيف جدا، لا أستبعد تحريك الملف ضد المعتدين عمليا على حنفي أو مهددي بالقتل، إلا أن مثل هذه الوقائع وغيرها تدل بصورة يقينية لا ريب فيها، على أن القضاء الموريتاني عموما فاسد وضعيف ومرتش أحيانا، بل غالبا على رأي البعض، ولا يمثل ما نصبو إليه من عدل بين الفرقاء والمتخاصمين.

والخصام والخلاف البسيط أو المتوسط أو الحاد المتوتر من طبائع الكينونة البشرية منذ نشأتها “إقرأ في القرآن المثال الأول للصراع الدموي بين قابيل وهابيل”. ولذا لزم وجود فيصل وطرف ثالث محايد جاد، مضحى بكل الإعتبارات والإمتيازات من أجل الحق فحسب. ولا يصبر للإستماع بصورة غير مباشرة أو مباشرة لحجة طرف على حساب آخر!.

كل من يشكو في الأمور البسيطة، من سرقة “بوش من الغاز”، ينتظر في أمر شكواه، وعندما يكون الاعتداء بين طرف مقرب من قوي أو سلطة تنفيذية غاشمة، لا يعبئ  بصاحب الدعوى والشكوى والتظلم المشروع، المحدود الجاه.

يا ناس أين قلوبكم، أين دينكم.

أين مخافتكم من الله؟.

إننا لا نخاف سجونكم، بل نعشقها، إن كانت الخيار بين الخنوع والعقاب المسيس المكشوف الهش الزائف الزائل، بل والمشرف بالنسبة لي.

فأفضل الجهاد كلمة حق، عند سلطان جائر، كما قال قائدي وقدوتي وجدي محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

سواء كان هذا السلطان تنفيذيا أو قضائيا أو برلمانيا أو إعلاميا غير نزيه، فالرسول صلى الله عليه وسلم، هو صاحب الحق في كشف اعتلال القضاء وميله الغالب إلى الباطل، حيث أثبت أن الأغلبية مصيرها إلى العقاب الرباني العادل المستحق، النار وثلث واحد إلى الجنة.

“قاضيان في النار وقاضي في الجنة”.

والله أكبر الشاهدين، لقد هددني هذا المغرور بالقتل، ولن أسكت على سكوت السلطة القضائية على هذا التهديد الصريح المباشر، عبر جواله44492020 ولا حل إلا أن تسجنوا المهدد، فتنفضحوا كالعادة، وإما أن تحققوا في هذه المظلمة المدوية الشنيعة المقرفة.

والله خير حفظا، وهو نصير المستضعفين المظلومين في هذه الأرض المضطربة من كثرة الظلم وغلبة الأقوياء على الضعفاء. والدولة تستقيم على الكفر أحيانا، ولا تستقيم على الظلم.

فبادروا قبل فوات الأوان، يا قضاتنا الشرفاء.

إنني واثق أن شرف المهنة القضائية، وعزة نفوس بعض قضاتنا ستتغلب يوما ما، على تجاهل شكاوى وصيحات المظلومين وآهاتهم وأنينهم المستمر المتنوع، الذي يكسر قلب من كان له أدنى إحساس أو بعض حياة ضمير!!!

قال تعالى: ” كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ  والله مع الصابرين”، ونحن صابرون منتظرون لتغلب الفئة القليلة من القضاة الحازمين رغم ما يواجهون من مصاعب في موريتانيا على الأغلبية المتساهلة المتهاونة، بشكاوي المظلومين الضعفاء خصوصا.

يا سبحان الله، نأمل في الفرج دائما “إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرين”.

أجل نأمل، رغم غيوم التجاهل والانتظار المفجع المهين، لأننا لا نريد إثارة فتنة خطيرة مركبة الأضلاع، في الدنيا والآخرة، بيننا وبعض القضاة المرتشين، الذين يعرفون أنفسهم ونعرفهم بسميهم، لكن الصدام أصبح قاب قوسين، لأننا ظلمنا، ولم يتحركوا ولم يغضبوا لما بين أيديهم من قوانين وتشريعات صماء نظرية، لا تطبق غالبا منذ نشأة هذا البلد، وغيره من البلدان، إلا لصالح القوي سواء كان حاكما أو غنيا أو وجيها، لإعتبارات أخرى.

فعندما يشكو أبسط “تيفاي” أو مقرب من سلطة “الخور” بالحسانية، تتحركون وينتفض بعضكم وتتحرك الكتيبة الضخمة، الطامعة الخائفة بكاملها، من بعض القضاة إلى بعض  المحامين، إلى بعض كتاب الضبط.

والله أرجو أن يسقط قصر العدل عمليا، بعد سقوط معناه المرغوب، وتغييبه في أغلب الشكاوى الجادة الحساسة المهمة، دنيويا وأخرويا!.

أقول اللهم أسقطه فوق رؤوس المرتشين والمتهاونين.

وأنا موقن أنه يومها تسعة وتسعون من عمال القصر المشيد المهيب، المظلم المعتم، دنيويا وأخرويا، وقانونيا وأخلاقيا بكل المقاييس، سيكونون حاضرين للزلزال الخاص بقصر العدالة بنواكشوط، بوجه خاص المرتقب غير المستبعد على الإطلاق.

هاتفي للإتصال، لمن يريد أن أذهب معه إلى السجن أو ظلم الدنيا وعقابها، من أجل الشرف وقول الحق وإبتغاء وجه الله بالجرأة في الحق.

أقول هاتفي مدون في نص الشكوى القديمة ضد ولد بوعماتو، والجديدة ضد عالي ولد علوات، الذي قال إنه ليس مثل بوعماتو. إننا يا علوات ننتظر ونرقب الحدث، من كل وجه.

وستعلمون جميعا، معشر المتساهلين والمتآمرين على حقوقنا العامة والخاصة، وحتى على حياتنا الشخصية، أننا لا نخافكم وإنما نخاف الله وحده من من الله وفضله علينا بالثبات وسكينة القلب والجوارح لله الحمد دائما وأبدا وعلى كل حال.

اللهم انتقم، و سلمنا من الظلمة وأعوانهم في كل قطاع.

اللهم غير فاتنين ولا مفتونين، اللهم آمين.

 

 

بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن المدير الناشر ورئيس تحرير صحيفة “الأقصى”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى