العالم يتعلم من “ممهدات” المعارضة / سيدي علي بلعمش

(الزمان ): ـ بعد أن أحرق ولد عبد العزيز جميع أوراقه الداخلية و الخارجية، عليه الآن أن يحرق مراكب رحلته الأخيرة ليجد من يقبل التعامل معه. لقد أصبح الشعب الموريتاني بكافة أطيافه يدرك أبسط حقائق نظام عصابة ولد عبد العزيز؛ لم يعد حديثه عن أي إصلاح ينطلي على أي أحد في البلد .. أصبح الجميع يدرك أدق معاني حربه على الفساد التي تستهدف السطو على ممتلكات كل غني موريتاني بالحق أو بالباطل و تسليمها لعصابته.. الآن فهم الشعب الموريتاني معنى “رئيس الفقراء” ..

اسأل الآن أي موريتاني، لماذا يعين ولد عبد العزيز فني معلوماتية غير موهوب، على رأس البنك المركزي الموريتاني لتفهم أن الجميع أدرك أدق تفاصيل حقيقة هذه العصابة الأهلية التي دمرت هذا البلد.. سألت أحد العارفين بخفايا الأمور ، ما حقيقة هذه الكارثة البحرية فقال لي ، هناك أمور أصبحت أكيدة: ـ القفز على الباخرة الروسية في إسبانيا غير بريء ـ ادعاء السلطات الموريتانية بأنها تجهل المصدر غير صحيح ـ إخفاء السلطات الموريتانية للحقيقة يعني أنها ترتبط برأس النظام ـ الخدمات البحرية بالطرق غير الشرعية مصدر ثراء سريع كانت تكفيني هذه الأجوبة لأفهم البقية من خلال سيرة ولد عبد العزيز و سريرة أعضاء حكومته. ـ و يتساءل الجميع اليوم أين ذهبت النقود ، فلا هي موجودة عند التجار و لا عند الناس و لا في البنوك، فماذا يحدث؟ و لست أفضل من يجيب على هذا السؤال من حيث الاختصاص لكنه من البديهي حين يحتكر أربعة تجار ـ يستعدون للهروب في أي لحظة ـ عملية التوريد في البلد، أن لا يدخلوا من العملات الصعبة إلا ما يكفي لاستنزاف بقية ما تحتويه السوق منها.. ـ و قبل أسابيع ذهب ولد عبد العزيز إلى السعودية في زفة وطنية أصيلة تعالت فيها أصوات أبواق النظام؛ سيعود البطل مظفرا ، بأموال خليجية لا تحصى و لا تعد .. وقع على المشاركة في “عاصفة الحزم” و التزم بإرسال فيالق من جنوده لاحتلال اليمن و عاد معززا مكرما عودة الأبطال .. انتقى ولد عبد العزيز أول مجموعة و وضعها في حالة استعداد قرب وادي الناقة و في انتظار استكمالها لشحنها إلى ساحة الموت الجماعي، لكن مخابراته حملت إليه أنباء غير سارة “تجمعات لحراطين في كل مكان ترفض إرسال أبنائهم إلى الموت و تقول إن أكثر الجنود البسطاء من شريحتها” ، فلا يستطيع ولد عبد العزيز إرغامهم على الذهاب و إذا أرسل العدد من البيظان ترك الساحة للحراطين فانقلبوا عليه ؛ فمتى يفهم الشعب الموريتاني أن ولد عبد العزيز لم يعد يقوده إلا إلى الجحيم؟؟ لقد كان اللعب على الشرائح من عمل مخابرات عزيز لتخويف كل شريحة من الأخرىات ، ضاربا عرض الحائط بكل مصالح البلد،  فحفظ الله موريتانيا و رد كيد ولد عبد العزيز في نحره و ها هو الآن كل ما حاول الخروج من مأزق سدته عليه نفس الشرائح التي كان يهددنا بها. ـ كان الاتفاق مع السعودية يقتضي تنصله من الجزائر و إيران و التوجه إلى محور المغرب و السنغال (فرنسا) : فطردُ الدبلوماسي الجزائري بلقاسم لأسباب مخجلة  التفاهة، لا يفسر سكوت النظام عن صولات سفراء فرنسا و أمريكا في البلد و لقاءاتهم التحريضية المكشوفة للحركات الانفصالية رغم أنف النظام و زياراتهم المتعاقبة لمقراتهم غير المرخصة و توقيع البيانات المشتركة معهم و تبجحهم بالأكل في المطاعم الشعبية من دون حراسة رسمية في رسائل واضحة لغياب الدولة.. ـ أفهمته المملكة المغربية أن عودته انتصار دبلوماسي يستحق الاحتفاء به و طار الغراب ولد محم إلى المملكة لاستكمال بقية شهر عسله في ضيافة حزب الاستقلال و أطلق ولد عبد العزيز العنان لعملائه لشن حرب إعلامية على الجزائر (لو خيرت في العمالة لولد عبد العزيز و العمالة للجزائر لما ترددت لحظة في العمالة للأخيرة لأنها على الأقل بلد عربي أصيل له تاريخ حافل بالأمجاد يستحق الاحترام على كل عربي) :  يسلم ولد المقاري “أمسكوا أقلام التهدئة حتى يعتذر كتاب الجزائر” (من أنت و ولد عبد العزيز حتى تعتذر لكم كتاب الجزائر؟) .. ولد الهيبه: “حملة الصحافة الجزائرية ضد موريتانيا دليل على عدم استقلاليتها” . ألا تعدونها من علامات الساعة الكبرى يا فقهاء موريتانيا، حين يتهجم ولد الهيبة على الجزائر و يتحدث عن استقلالية الصحافة ؟ ـ و بعدما أحرق ولد عبد العزيز مراكب العودة إلى الجزائر ، قالت له المغرب لدينا ضيف موريتاني أعز منك فانتظر حتى ينهي أفراح ابنته لننظر في ملف “عودتك” .. كان ولد الشافعي ماهرا في توظيف الرموز و اللعب على نفسية عزيز لكن المغرب لم تفهم بعد أن لا شيء في الوجود يمكن أن يخجل ولد عبد العزيز .. ـ عاد ولد عبد العزيز أدراجه إلى الجزائر و أثنى في باماكو على الدور الجزائري العظيم في التوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي الذي وصفته الحركات الأزوادية بالاتفاق المالي ـ المالي ، الخالي من أي معنى. لكن ما يهم ولد عبد العزيز هو أنه كان فرصة لمغازلة الجزائر و لو بدم ثقيل. “الممهدات” الجزائرية : ـ على ولد عبد العزيز اليوم ـ للتكفير عن خطيئته ـ إحراق زوارق عودته إلى المغرب.. ـ فتح سفارة للجمهورية الصحراوية في نواكشوط أو طرد السفارة المغربية تجسيدا لمعنى الحياد المعلن من طرف موريتانيا.. ـ الحد من تحكم فرنسا في القرار “السيادي” الموريتاني .. ـ مراجعة الدوائر الأمنية الجزائرية لاستلام خارطة الطبعة الجزائرية لمحاربة الإرهاب في المنطقة .. ـ إعلان البراءة من اتفاقية “عاصفة الحزم” ـ  بعد إنجاز هذه المهام على أكمل وجه ، ستكون المكافأة بعد إبرام علاقات إستراتيجية محكمة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. “الممهدات” الإيرانية : ـ إعلان التوقيع على علاقات إستراتيجية بين البلدين “الإسلاميين” ـ البدء بمشاريع الإحراج بدل الاتفاقيات الاقتصادية المائعة .. ـ تقليم أظافر الوهابية في البلد ـ إلغاء الاتفاقيات مع السعودية و السودان في المجال الزراعي ـ إلغاء الاتفاق مع شركات الاتصال العاملة في البلد و استبدالها بأخريات تحددها إيران و الجزائر ـ إعلان تأييد محور المقاومة و الالتزام بالانضباط الكامل في تنفيذ أجندته.. إذا لم يذهب ولد عبد العزيز بسرعة في هذا الاتجاه سيسقط قريبا بسبب الظروف الاقتصادية الكارثية للبلد و إذا ذهب فيه سيسقط بانقلاب عسكري أكيد يؤيده كل الجيش الموريتاني و الإسلاميون و الزنوج و فرنسا و المغرب و السنغال و السعودية و الاتحاد من أجل الجمهورية و كتيبة البرلمان و مجلس الشيوخ و الإذاعة الوطنية و تلفزة خيرة و مبادرة الدده سالم و قناة شنقيط و إذاعة كوبني و موقع آتلانتيك ميديا  و اتحاد الأدباء الموريتانيين و مبادرة أطر شنقيط. لم يبق أمام ولد عبد العزيز اليوم سوى أن يختار كيف ينتهي و هو خيار يجب أيضا أن لا نتركه له . يجب أن ينتهي ولد عبد العزيز كما نريد نحن لأنها معركتنا الباسلة و حربنا المقدسة المعلنة. و على الدول الشقيقة (المنشقة) و الصديقة (غير الصادقة) أن تقتنع أن لا فائدة و لا فرق بين أي تقارب و تباعد مع ولد عبد العزيز كما كنا نكرر عليهم باستمرار من دون أن يسمعوا .. هذه التحولات الدراماتيكية في مواقف ولد عبد العزيز لا يمكن أن تخدم لا المغرب و لا الجزائر في شيء .. لا يمكن أن تخدم لا السعودية و لا إيران في شيء .. لا يمكن أن تخدم لا السنغال و لا مالي في شيء .. لا يمكن أن تخدم لا فرنسا و لا الحركات الإرهابية بالمنطقة في شيء .. أنتم جميعا تضيعون أوقاتكم و أموالكم : إن وجود نظام وطني موريتاني يفهم التوازنات في المنطقة و يدرك خطورة واقعها الجيو بوليتيكي هو ما يخدم مصلحة الجميع .. إن انفلات الوضع في موريتانيا الذي يسعى له الجميع بتواطؤ معلن مع نظام ولد عبد العزيز، أخطر مما يمكن أن يتصوره أي محلل في المنطقة. و هو أمر لن يحدث أيضا ـ لمن يراهنون عليه لأسباب تاريخية معروفة ـ يبدو أن أصحابها لا يدركون جيدا حقيقة ما يحول دون تفكك البلد بعد سبع سنين من الضرب على مفاصله و إضرام الحرائق في مقدساته. إن ما يتراءى لكم من هشاشة موريتانيا صورة خادعة مثل رئاسة ولد عبد العزيز، ليست أكثر من غيمة زائلة. و سبب بقاء الأنظمة الموريتانية المنحرفة ليس ضعف الشعب بل قوته لأنه لا يعتمد في بقائه على هذه الأنظمة التي لم يقتنع يوما بأهلية أصحابها  و لا شرعية وجودها، لكن تلك قصة لن تفهموها. فهل يعود ولد عبد العزيز اليوم إلى “ممهدات” المعارضة بحثا عن حل داخلي سيكون حتما أرحم به مهما كانت نتائجه، إذا تخلى عن فكرة الاستمرار في الحكم بعد تعطل جميع محركات ماكينته؟ أستبعد شخصيا أن يكون ولد عبد العزيز حكيما إلى هذا الحد و أستبعد أكثر أن يكون شجاعا للتفكير في مواجهة تسد عليه أبواب الهروب و لو إلى الجحيم.. على العقلاء من المرتزقة التي تتلاعب بولد عبد العزيز و يتلاعب بها، أن تفهم أن فضاء الفساد المفتوح لا بد أن يسد يوما و لن يسد إلا بمحاسبة الجميع و ردع الجميع ، فاحذروا أن تقع على رؤوسكم . و قد أسديت لكم النصح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى