الدبلوماسية الثقافية، إبداع من أجل المستقبل..وتواصل القافلة مسيرها

(الزمان):  ـ بعد اليوم الأول ـ زيارة قبر المعتمد ابن عباد و منطقة ست فاطمه ـ كان برنامج القافلة مشحونا، فمن “آيت أورير” حيث نزل ضيوف الدورة الرابعة من هذه التظاهرة، في الفندق الوحيد بهذه المنطقة التي لا تبعد عن مدينة الحمراء سوى 20 ميلا(أقل أربعين كلمتر)..من الفندق انطلق القافلة أمس إلى “المنارة” بمدينة مراكش حيث عبق التاريخ..

تجولنا حول المسبح الكبير الذي يحتضن الأسماك، التي تظهر للزائر بمجرد أن يلقي في الما قطع خبز، ومن المسبح الكبير تجرى المياه دوما لتسقى أشجار الزيوتون والرمان والتين وغيرها من الأشجار المحيطة بالمنطقة على مساحة كبيرة..وهنا يخبرنا الأخ محمد منير أن صوت سيدة الغناء العربي دوى في هذا المكان حين زارت مراكش في القرن الماضي.

من “المنارة” إلى جامع الكتبية، حيث كانت تباع الكتب بالمزاد العلني ذات يوم، وحيث ترقد جدة مضيفنا بسلام..إلى المدينة العتيقة مرورا بساحة “الفنا” الشهيرة، التي تعتبر القلب النابض لمدينة مراكش..ومعروف أنها من بين أفضل عشر ساحات عالمية، حيث صنفت ساحة الفنا في المرتبة الثانية. وكانت قدأدرجت في قائمة التراث اللامادي الإنساني في اليونيسكو بالعام 2001.

وفي مقهى فرنسا كانت استراحة محارب، حيث التقينا بضيف الشرف لهذه الدورة، وهو الشاعر العراقي عبد الباقي فرج ..وبعد التجوال في أزقة المدينة العتيقة وسط أحاديث وشروح لبعض العادات والتقاليد تبودلت بين المشاركين، كان الغداء بوجبة مغربية في مطعم بلدي له قصة سنعود لها فيما بعد.

وفي المساء كانت أمسية رائعة،في مكتبة آفاق، وسط مراكش،بحي الداوديات، كانت عبارة عن ندوة حول موضوع الاتحاد المغاربي، وسبل تفعيله..وقراءات شعرية سنحت لبعض المواهب المراكشية الشابة بالظهور، والإلقاء بعد الاستماع لقصائد الإخوة من العراق وتونس والمغرب و الجزائر إضافة إلى قراءة في القصة القصة القصيرة.

وكانت نشاطات اليوم الأربعاء قد بدأت برحلة الى “تيغدوين” وهي بلدة سياحية تقبع وسط الجبال التي تحدها من كل مكان وتملأ بصرك طيلة الرحلة، رغم أن أشجار السنديان والزيتون والتين تحجبها من آن لآن، ومن بعيد تطاول الجبال عنان السماء، ويحدثنا مرافقون عن بياضها الناصع في زمن الثلج..في “تيغدوين” التي وصلتها القافلة قبل الزوال كان هناك “سوق الأربعاء” حيث الباعة يعرضون بضاعتهم التي يبدو أن أغلبها وأرخصها هو الفاكهة والخضار..وهناك أفرشة مستعملة وغيرها..بعد جولة في السوق ركبنا البغال لتنقلنا الى منطقة يبدو أن الناس يهربون إليها في أوقات الحر ليصعدو الجبل ويشربو من ماء معدني تسكبه حنفية، ويبدو طعمه كمشروب غازي,,وغير بعيد منه شلالات تسكب الماء على الدوام..وهناك عشابين يبيعون أصناف الأعشاب التي يستعمل الأمازيق في التداوي .

وعادت القافلة لتكمل يومها بأمسية شعرية بدار الشباب بآيت أورير حضرها بعض الشعراء الشباب وألقت خلاله الشاعرة “زكية” مقطوعة كتبتها اليوم على زهر بغل في طريق “تيغدوين”، كما تميزت بقراءة رقيقة للشاعرة التونسية سهير بادي، التي قرأت من ديوانيها”…” مقاطع عذبة تنبض بالألم..كذلك ألقت الفنانة فاطمة بوسور قصيدة زجلية جميلة. وقرأ الشاعر إدريس القرابين كاتب رواية “مدينة القرابين”، مقطوعة جميلة .

وكانت ساحة جامع لفنا من أشهر معالم مراكش والمغرب ككل ، ولم تكن هذه أول زيارة لها بالنسبة لي فقد زرتها مرارا، وفي كل مرة أخرج بمعلومة جديدة من هذه التي يرجع تاريخها إلى عهد تأسيس مدينة مراكش في العام 1071. وكانت في عهد الدولة المرابطية خلال القرن الخامس الهجري، نواة للتسوق، لكن أهميتها تزايدت بعد تشييد مسجد الكتبية بعد قرن كامل. ويقول بعض العارفين بتاريخ مراكش أن سلاطين ذلك الوقت كانوا يستخدمون الساحة فناءً كبيرًا لاستعراض جيوشهم والوقوف على استعدادات قواتهم قبيل الانطلاق لمعارك توحيد المدن والبلاد المجاورة وحروب الاستقلال.

وكذلك حدائق المنارة التي يعود تاريخ إنشائها إلى عصر الموحدين وكانت عبارة عن ثكنة لتدريب الجنود على السباحة،  وقد زينُوها بأشجار الزيتون في بداية القرن الثاني عشر. وتقع حدائق المنارة على بعد حوالي 3 كلم خارج أسوار مدينة مراكش. وهي قبلة للسياح والسكان الراغبين في التنزه..و توجد في وسطها بركة أو خزان المنارة الكبير والمملوء بالماء وعمقه متران ومحيطه 510 أمتار. يصله الماء عبر قنوات من جبال الأطلس المتوسط.