“فبركة”،ويقظة الأخلاق

الأخلاق من جديد و قيم المجتمع الموريتاني الفاضلة، و “ما هكذا المعارضة”، لازمة عرفناها منذ عقود تستخدم عادة حين يغضب احدهم العسكري الحاكم في موريتانيا، اما قبل ذلك فتنتفي هذه الأخلاق ويصبح كل شيئ مباحا

.

بعد ظهور الأغنية الجديدة لأولاد لبلاد سال المداد وشرعت الماكينة في العمل، فاتهم اعضاء الفرقة بالخروج على “الأخلاق الفاضلة” للمجتمع الموريتاني “الطيب”.. دون ان يكلف احدهم نفسه عناء البحث في هذا اللون وخصوصيته، وهو بحث سيقوده الى ان لغة الرب ليست بالضرورة لغة الرب، و ليست بالضرورة لغة الأنبياء، انها لغة فصلت على مقاس الأغلبية الساحقة من ابنائنا الذين لم يعرفوا طريق المدارس ولم يعرف آباؤهم السبورة للأسف.

 

اغلب من يسمعون هذه الأغاني ويتفاعلون معها هم مجموعة “دينكات” التي تعني في احصائياتها ابناء المستعبدين، والمستعبدين السابقين بدرجة اكبر، فهؤلاء يستعيضون بمثل هذه الأغاني و”اسفافها ، وغضبها، وسبها” عن واقعهم المقيت الذي لم تتحدث عنه اخلاق وعاظ الفيس والسياسة والعرق.

 

حين ينحرف رئيس دولة يتم تنويم الأخلاق، وحين يعيث فسادا تخمد الأقلام، وينام دعاة الأتيكيت والأفظع ان بعضهم لاينام، يتابع الجرائم الرئاسية واحدة بعد اخرى دون ان يرف له جفن. رصاصات القصر الصديقة والعدوة لم تحرك الضمير الأخلاقي. صناديق آكرا و محادثات الرئيس بشأنها ثم اعترافه المخجل بعد انكاره، كل هذه الأمور لم توقظ ضمائرهم الجائعة. حتى تفهموا نسبية الأخلاق مابين أفلاطون وكانت وحتى نقدر جوليفي و تعريفه: “علم القواعد المثلى للعمل الإنساني الواعي الحر او منطق السلوك” حتى تفهموا اكثر الهجمة التي يتعرض لها ابناء لبلاد، تصوروا معي ان اسحاق مغني الفرقة قاد انقلابا انتهى به رئيسا للبلاد ثم عاد ومعه المتمردون واصبح حمادة بمرتبة الغزواني و دخل الصحفي حنفي ليكون رئيسا للوزراء وسيدي عالي ولد بلعمش رئيسا للمعارضة، تصوروا كيف ستكون المبادرات الداعمة. انا اخبركم. سيعلن شيوخ القبائل عن اقامة مسارح للراب في كل بلدة وسيعلن شيوخ القبائل ان السروال يجب ان لايصل في ارتفاعه الى مستوى الركبتين، سيتحول هذاالسروال الساتر الى عقال لايرتفع، و سيثمن دعاة الأخلاق هذا الفعل بحجة انه غير مفيد ان علا وارتفع.. سيتذكر دعاة الأخلاق ان حنفي ابن مشيخة عريقة وخريج محظرة اصيل، وسيخرجون من اضابير صحفهم ابتهالاته و قصائده في مدح خير البشرية صلى الله عليه وسلم، وهي مادة لم يذكرها احدهم رغم انتشارها، فحنفي علماني وبالتالي فهو “زنديق مارق حتى اشعار آخر طبعا”.

 

بعد انقلاب اولاد لبلاد، ستكون الأغنية الأخيرة المزعجة اخلاقيا نشيدا وطنيا, و سيقول حماة الأخلاق هؤلاء إنه نشيد سهل الحفظ وإن الأطفال استوعبوه بسرعة غريبة.. ياسبحان الله، لوكنا نسمع او نعقل ماكنا عارضناهم يوم كانوا في السنغال..انهم المصلحون لاغيرهم. سيتذكر المنتصرون للقيم من كتاب و تجار و كتاب تجار ان ولد عبد العزيز كان الرجل الذي قاد انقلابا عسكريا وكمم الأفواه، وباع البلاد بمدارسه و أخذ العمولات و فاوض عصابات واطلق الرصاص في عهده، من قصره نحو الدهماء، ومن قصره نحو قصره، ومن مكان مجهول نحو بطنه المكرم ( المكرم،حتى لا يصفني احدهم بسوء الأدب مع الرئيس).

 

صفة الرئيس لا تؤلهه، ولاتمنحه العصمة والسمو على انتقاد المتضررين المتأذين من افعاله وما اكثرهم.

 

اولاد لبلاد، غنوا كما شئتم واصرخوا كماتريدون، واختاروا طريقة ردكم على الظلم، فمن تهجّموا عليكم اليوم سيعتذرون لكم الواحد تلو الآخر يوم يذهب عزيز، و الأكيد انه سيذهب، فمانيل الخلود بمستطاع.. فكم اعتذر لنا من كتبوا الافتتاحيات ضدنا بعد رحيل ولد الطائع، و كم اعتذر الجلادون و القتلة لضحاياهم او ذويهم بعد ذهابه.

 

صبرا فموعدنا يوم رحيله من القصر.

 

شطحات محمدالأمين ولد محمودي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى