حكاية قبل النوم

الآن تجاوز منتصف الليل. . فأرجو لكم نوما لذيذا .. هادئا. كانت جداتنا تحكي قبل نوم الأطفال قصصا مسلية ينامون عليها وفيها كثير من العبر. ومن ثقافتنا الشعبية أن نفرا من الحيوانات المستضعفة قررت التمرد على أسيادها. فاجتمعوا ذات يوم واشتكى كل منهم للآخر عما يلاقيه من إهانة وإذلال. والنفر هم الحمار والديك والكلب.

فقال الحمار: أظل أحمل الأثقال ذات اليمين وذات الشمال؛ وعندما يأتي الليل وأصهل للترويح يقابلني سيدي ب( عر يعطيك تنال أم انعال) . فقال الكلب أنا أخدم سيدي في الليل والنهار؛ فأحرسه وأحرس ماشيته، وعندما يكون الهزيع الأخير من الليل يقدم لي قليلا من اللبن الممزوج بالماء، وإذا نبحت في وقت لا يرغب فيه سيدي يقول: ( هرواس يعطيك تحطيم الراص ) . فقال الديك : وأنأ ليس مني ضر وأنبه سيدي على أوقات الصلاة وخاصة صلاة الفجر وهي أعظمهن أجرا، وإذا التقطت نخامة يقول لي سيدي : ( كس يعطيك لمحس ) . فهرب الثلاثة معا من حياة المذلة . وفي طريقهم بعيدا وجدوا أرضا خصبة بجوارها ينبوع كبير. فقرروا مشروعا زراعيا وتوزعوا المهام؛ فقال الحمار سأغرز لكم الأرض بحافري، وقال الديك وأنا أتولى جلب الحب ، وقال الكلب وأنا أقوم بحماية الحرث من الحيوانات والقوارض. ونجح المشروع نجاحا باهرا وتنعم المعذبون . وبينما هم ذات ليلة يتنادمون إذ قال لهم الحمار: الجماعة أنا أعاني من ضجر شديد إذا لم أصهل.فقالوا له إصهل. فصهل. فقال الديك وأنا أحس بحرقة في بلعومي إذا لم أصيح. فرخصوا له بالصياح. فصاح . فقال الكلب وأنا أشعر بقشعريرة إذا لم أنبحح. فأذنوا له بالنباح. فنبح. وتصادف أن دبا ( شرتات) وذئبا وفيلا كانوا بالقرب من الحرث فسمعوا الصهيل والصياح والنباح. فقالوا يبدو أننا قرب حي . فانتدبوا ( شرتات) ليستطلع لهم الحي. فلما قرب من المتمردين قال لهم الديك المكلف بالمراقبة على شجرة عالية: الجماعة هذا ( عبد الرحمن) قادما. فقال الحمار أنا له. فلما قرب استلقى الحمار على قفاه فظنه الدب ميتا فدنى منه فضربه بحافره على الناصية فغشي عليه ، فلما استفاق ولى مدبرا؛ فقال له أصحابه ما وراءك..؟ فقال: لا أدري .. ولكن ضربني حمار ميت وكدت أموت. فقال له الذئب: أنت بطبيعتك عجول وفيك خفة مشينة. فذهب الذيب، فلما اقترب أخبر الديك جماعته؛ فقال الكلب أنا له. فلما دنى طارده الكلب وأدماه من كل مكان من جسمه. فعاد الذئب منهكا. فسألوه فقال لهم يبدو أننا بجانب حي من الجن. فغضب الفيل وقال أنتم جبناء. وانطلق يستطلع بنفسه. فلما قرب بلغ الديك جماعته باقتراب الفيل، فقال الديك خلوا بيني وبنه؛ فلما دنى الفيل من الديك غير مكترث ضربه ببيضة على خرطومه؛ فمسح بيده على خرطومه فإذا بصفار البيض على يده؛ فقال ( هذا القيح جاء قبل الدم) فولى مذعورا… هذا ما فعله الديك والحمار والكلب للخروج من الهوان على الناس.. فهل في ذلك عبرة لمن يعيش الذل ويرضاه.؟! . صح النوم.. وطاب يومكم..

 

من صفحة الكاتب محمدالكوري ولد العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى