تبولوا على ضحاياكم ، ذلك ما يستحقون / سيدي علي بلعمش

الزمان انفو _
من ينتظرون محاكمة ولد عبد العزيز في “عهد” ولد الغزواني، لا يدققون كثيرا في تفاصيل ما يحدث : نحن الآن نُساق بوضوح إلى قبول “أمر واقع” يُحيلُ إلى التفسير الآثم لـ”عفا الله عما سلف”. يكفي أن تتأملوا قضية رصيف الحاويات و مبررات “تقادم” ملف مدرسة الشرطة و تكريم أهل غدة بعدد من الصفقات الهامة، لتفهموا أننا بدأنا نسلك المُنحَدَر المُفضي إلى الاتجاه المعاكس لما ينتظره الجميع : على من يتجاهل هذه الرسائل غير المشفرة، أن يفهم أنه أصبح جزءً من قِطَع لعبة التدرج في سرقة أحلام الناس و امتصاص حماسهم : هذه حيلة ذكية البرودة و الميوعة لاستدراج الرأي العام و اجتراره بهدوء إلى الدخول مُنَوَّمًا في غرفة عمليات أمر الواقع. و بعد خروج الغاز سيجد من يستقبله منتشيا، على طريقة مضيفات الطيران: “ابتسم، أنت في دولة الجنرال المنتخب ديمقراطيا”.
و حين تجلس مع نفسك متأملا أيهما أكبر: كذبة “الجنرال” و كذبة “المنتخب ديمقراطيا”، ربما تتذكر أنك لم تخرج قط من حلم المواطن الطيب. جنرالات موريتانيا مثل أمراء القاعدة؛ لكل قبيلة جنرال كأنهم آخر أوتاد التوازنات القبلية و الجهوية. و كل جنرال يرسم حدود نفوذه بالتبول على “أطرافها” على طريقة الكلاب. و أفضل الجنرالات أكثرهم نبذا للدكتاتورية و أكثرهم تبنيا لدموية الديمقراطية .
جنرالات موريتانيا الديمقراطيون ، المنتخبون ، ابتكار مكنسي عجيب ؛ يفكرون بنفس الطريقة و يـ”أكلون” بنفس الطريقة و يشربون بنفس الطريقة ويكذبون بنفس الطريقة و يحصلون على الرتب مجانا بنفس الطريقة و يتم التمديد لهم بعد التقاعد و يظلون في وظائفهم بعد نهاية التمديد بنفس الطريقة، لأنهم لا يعرفون في الحياة سوى أن يظلوا جنرالات و لا يعرفون عن الجنرالات أكثر من نشوة الطفل بارتداء البدلة العسكرية المطرزة بالنياشين .
معجزة جنرالات مكنس أنهم لا يتعرضون لنيران العدو و لا تقتلهم النيران الصديقة نتيجة تكوينهم العالي و المشهود في حروب المدن و القتال الليلي ..
و كأنما صنعوا جيعا في قالب واحد كأحذية البلاستيك، يؤمنون جميعا بقدرتهم على حل أي مشكلة بالكذب تماما مثل غوبلز، لا لما يعرفون عن غوبلز و إنما لما يعرفون عن الكذب.
أستطيع الآن أن أقول إن الصورة أصبحت كاملة الوضوح:
ـ الفساد الذي كان ينتشر عموديا في عهد عزيز أصبح ينتشر أفقيا و عموديا في نفس الوقت و بوتيرة غير مسبوقة، بما يعني أنه سيتجاوز فساد عزيز آلاف المرات..
ـ القمع سيتواصل بوتيرة متصاعدة و الحديث عن تراجع الحريات مغالطة أخرى : لا توجد أي حرية في موريتانيا ليتم التراجع عنها. هناك ترتيبات بين وزارة الداخلية و البشمرجة، تسبقها عادة مناورات لرفع سقف المطالب و اختيار مكتب النَقَّابَة، سيتم احتواؤها بعد توزيع الـ200 مليون و تعود حرية التعبير إلى ديارها سالمة في هودج العرائس.
ـ ستكون سنوات غزواني النهاية الحقيقية للتعليم و سنوات جمر على الطلاب و ذويهم في الداخل و الخارج.
ـ كل المؤشرات تؤكد أن نهاية مأمورية ولد الغزواني (إن استطاع أن يكملها)، ستفضي إلى أزمة بلا حل..
اللهم إنا نستودعك بلدنا الطيب موريتانيا.. اللهم رد كيد أعدائه في نحورهم .. اللهم سلط جنديك البطل كورونا على كل من يعبثون بمصيرنا و يتلاعبون بحقوق شعبنا و يعيثون فسادا في أرضنا . أمنوا يرحمكم الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى