ومضات من حياة الفنان السوري فريد حسن في موريتانيا

كتب فريد حسن:

الزمان أنفو- (7) ومضات من حياتي في موريتانيا مع الصديق احمد العبيد الملوكي :
كنا في الومضة السابقة مع مجريات حفلة أطار الاولى ( حيث تلتها حفلات كثيرة في أزمنة مختلفة ) –
في الصف الأول من الحاضرين في الحفلة كان يجلس ضابطان من الجيش المغربي مع أصدقاء لهم من أهل أطار وكانوا من المتفاعلين كثيرا مع فقرات الحفل !
وعند توديعي للجمهور في نهاية الحفل جاء حشد من الحضور يسلّمون عليّ – وانتظرَ بعضهم وكان من بينهم الضباط المغاربة ومعهم وجهاء من أطار دعوني لنكمل السهرة عندهم في بيت قريب من دار الشباب – لنتناول الطاجين ونشرب الشاي الاخضر – أخبرت الشباب المرافقين لي من فرع الشباب بذلك كي لا ينشغل بالهم عليّ وأعلمتهم بمكان وجودي –
كانت سهرة متنوعة من الاحاديث عن الذكريات الاولى في موريتانيا – وعن مرحلة إحضاري لأسرتي هذا العام وكيف أن الطبابة صعبة هنا وكثير من الادوية الجيدة غير موجودة فسألني الضابط الاعلى رتبة ان أكتب له اسماء الادوية الاسعافية التي يمكن أن نحتاج اليها وفعلت – فأرسل واحدا من مرؤوسيه ليحضر علبة كرتون فيها الكثير من الادوية ( والتي أخذت بعضا منها الى سورية عندما رجعنا بعد سنة ) ؟
كان فرع الشباب وردا لدعوته لعشاء البارحة – قد اتفق مع سيادة الوالي وكبار المسئولين كي يرافقونا في رحلة مشوي وطرب إلى واحة ترجيت غدا – واستعدوا لهذه الرحلة فاحضروا الكبش والفحم والمشروبات من حليب ومياه غازية وفواكه وخضروات والأواني والفراش المناسب وعدة الشاي الاخضر – وكان عليّ أن أكون في بيت ضيافتي في التاسعة صباحا لنغادر إلى ترجيت ؟
من جانب آخر استمرت سهرتنا حتى الثالثة فجرا – كان البيت يحتوي على مكيّف لتبريد الهواء في الغرفة – وكان المكيّف نادر الوجود في تلك الفترة – وقد غط الجميع في سبات عميق بعد ان استلقى كل منهم على فراش من الاسفنج المضغوط المغطى بالمخمل – فداعبتهم رياح المكيّف البارده –
كنت معتادا على الاستيقاظ الباكر فاستيقظت بُعَيدَ طلوع الشمس بقليل – وخاصة أن أمامنا مشواراً هاما نحو ترجيت التي سمعتُ عن جمالها دون أن أراها حتى الآن – جهزت نفسي وعودي وعلبة الادوية التي أهداني إياها الضابط المغربي واتجهت نحو الباب الذي كان مقفلا دون وجود المفتاح على الباب – حاولت التنحنح ربما أُشعر النائمين برغبتي في الخروج – لكنْ لا حياة لمن تنادي – فلا النحنحة ولا السعال ولا السير نحو الباب جيئة وذهابا آتت أُكُلَها – مما اضطرني الى الاقتراب من صاحب البيت وإيقاظه بهدوء كي لا ازعج النائمين الآخرين – والذي فتح لي الباب حيث اعتذرت منه لاني أيقظته وأزعجته , ودّعتهُ وشكرته وذهبت باتجاه بيت الضيافة حيث بدأ الشباب يتوافدون اليه للاتجاه نحو بيت الوالي – الذي سيكون مكان التجمع والانطلاق الى ترجيت لأن البيت كان على الطريق الى ترجيت ؟
كانت كل المواد الغذائية جاهزة من مساء الامس ولم يعد أمام الانطلاق الا اكتمال عدد الشباب الذين سيرافقوننا – جاء كل من سيذهب معنا وانطلقنا في سيارتين جيب لاند روفر ستيشن – يتبعها سيارة بيك آب بيجو 404 – التي كانت تحمل الكبش – والفراش – وأواني الطعام وكذلك الطعام والشراب !
دقائق فصلتنا عن الوصول إلى بيت الوالي حيث كان كل كبار المسئولين في أطار قد تجمعوا هناك وبانتظارنا – حيث انطلقنا نحو ترجيت التي هي جنة من جنان الله على الارض فالجبال المحيطة بها تحجب الشمس عنها – وأشجار النخيل العالية تلطف الجو وتنقي الهواء وحفيف اشجارها تخالط تغريد بعض الطيور – تشكل سيمفونية جميله من الاصوات – وسيمفونية من الجمال المرئي من جدلية بين الجبل والصحراء والجفاف والرطوبة وتنوع الاشجار إضافة للنخيل – نصف ساعة جعلتنا نكون قرب جداول ترجيت الصافية الباردة والعذبة – وتحت ظلال أكنتور واشجار النخيل المُعمّرة –
الشباب انتشروا ليقوم كل منهم بمهمة تختلف عن الأخرى : فمجموعة قامت وبسرعة تحديد فسحة واسعة للجلوس وفرشها بالمفارش الكافية – ومجموعة أخرى قامت بذبح الكبش وسلخه وتقطيعه – وغيرهم لاشعال النار – وغيرهم لتجهيز المشروبات ووضعها في النبع البارد – جمال المشهد وروعته جعلاني أسأل احمد العبيد الذي حدثني عن مهارته في كتابة الاغنية الشعبية ( الغنا) سألته : هل يمكن أن تكتب اغنية تصف هذا الجمال قال : بل سأبدأ – احضرت العود وقلت له : سأنهي تلحينها قبل أن تنهي كتابتها – وبدأنا السباق : ربع ساعة كانت كافية لتأليفها وتلحينها ؟
فَشايْ كان قد اصبح جاهزا و أتاي أيضا صار جاهزا ومع تناول فشاي وشرب أتاي كنت أعزف اللحن الجديد لأغنية : جينا لترجيت وجينا ×× وقضينا ساعة زينه ×× متمني فيها ليله ××سابك ما فتنا مشينا ×× انعدل فيها حويلة ×× ونظل كان مسينا ×× ونهار جميع أوقاته ×× مع فريد الهينا ×× وكتن ترجيت الهاته ×× يا ربي لا تشقينا ×× شفت النخيل زهالي ×× وظل اكنتور علينا ×× وأشطن ذا كامل بالي ×× والمشوي ال فيها شوينا ××جينا لترجيت وجينا ؟
سمع الجميع الاغنية التي ولدت منذ دقائق وأعجب الجميع بها وطلبوا مني غناءها في حفلة الليلة ؟
كانت أعزومة رائعة قضيناها مع اجمل الشراب , وأشهى الطعام , وأرقّ العزف والغناء – والتقاط الصور – مرافقا لجمال الطبيعة الأخاذة والطقس اللطيف – أبقت في النفوس على ذكريات لا تنسى عند كل من كان حاضرا !
والى لقاء في ومضة قادمة بإذن الله !
دمتم لفنانكم الباحث فريد حسن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى