ندوة تكريمية للراحل حبيب ولد محفوظ تسلط الضوء على الحوار الوطني والتنوع الثقافي في موريتانيا

الزمان أنفو _ شهدت العاصمة نواكشوط، مساء السبت، تنظيم ندوة فكرية من طرف هيئة الصحفي الراحل حبيب ولد محفوظ، مؤسس جريدة القلم، وأحد أبرز رموز الصحافة الحرة في موريتانيا خلال تسعينيات القرن الماضي. وجاءت الندوة، التي ضمّت سياسيين وأكاديميين وصحفيين وناشطين، تحت عنوان غير معلن، لكنها تمحورت حول قضايا الحوار الوطني، والتنوع الثقافي، واللحمة الاجتماعية، إضافة إلى إحياء ذكرى الرجل الذي ظلّ قلمه يناضل من أجل الكلمة الحرة.
افتتحت الندوة السيدة توت حبيب محفوظ، رئيسة الهيئة، بكلمة مؤثرة، أكدت فيها على الإرث الكبير الذي تركه والدها في ميدان الصحافة والدفاع عن التعدد والحريات. واعتبرت أن الهيئة تسعى للحفاظ على هذا الإرث من خلال النقاشات الفكرية وتكريم الأقلام المستقلة.
من بين أبرز المداخلات، تحدث المستشار المكلف بالاتصال في وزارة الثقافة، محمد عالي ولد عبادي، واصفًا الراحل بأنه “كان صاحب رؤية وموقف ومبدأ، عاش قلمه حرًا، ودفع حياته ثمنًا للدفاع عن حرية التعبير واستقلال الكلمة”. وأكد أن حبيب ولد محفوظ “استحق أن يُخلّد اسمه بهذه الهيئة التي تجسد نضاله، وتكرم الذين يسيرون على دربه”.
وأضاف ولد عبادي أن الراحل كان “الصوت الذي لا يخبو في سبيل الحقيقة، والكلمة التي لا تنكسر في وجه الظلم، ورمز الوفاء لصحافة نزيهة، حرة ومسؤولة”. وأشار إلى أن الجائزة التي أطلقتها الهيئة لم تعد مجرد تكريم، “بل دعوة لكل صحفي وكاتب ومثقف أن يكون منارة في زمن الظلام، وأن يجعل من قلمه أداةً للبناء، لا للهدم”. وختم قائلاً: “كل نسخة من هذه الجائزة تفتح نافذة للأمل، وتؤكد أن حرية الصحافة ليست ترفًا، بل ضرورة لكل مجتمع يريد أن ينهض”.
كما ألقى السياسي أحمد ولد هارون ولد الشيخ سيديا مداخلة، عبّر فيها عن قلقه من انحراف المسار الانتخابي في البلاد، مشيرًا إلى أن الانتخابات لم تعد تكرّس السلم الأهلي بل تنظم في أجواء أمنية مشددة تنتهي أحيانًا بسقوط ضحايا، ما يتنافى مع روح الديمقراطية.
وتطرق الباحث موسى ولد عبدو إلى تفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية، كاشفًا أن نحو 39% من المهاجرين إلى إسبانيا يمرون عبر الأراضي الموريتانية. ودعا إلى مقاربة شاملة وعقلانية تستند إلى الحوار بدل التخوين.
أما النائب البرلماني محمد الأمين ولد أعمر، فقد شدد على أهمية الحوار الوطني في السياق الراهن، معتبرًا في الوقت نفسه أن موريتانيا لا تعيش أزمة سياسية، مما يتطلب تهدئة الخطاب والعمل على تعزيز التفاهم الوطني.
وشهدت الندوة أيضًا مداخلات لكل من النائبة كادياتا مالك جالو، والنائب النانه شيخنا، والشيخة السابقة المعلومة الميداح، حيث أجمعوا على أهمية ترسيخ ثقافة الحوار، وضرورة العمل الجماعي للحد من ظاهرة الهجرة السرية، والحفاظ على إرث الصحفيين النزيهين الذين نذروا حياتهم لخدمة الوطن بالكلمة الحرة.
وقد مثّل اللقاء لحظة تأمل ووفاء تجاه شخصية شكلت رمزًا لحرية التعبير والنزاهة في الصحافة الموريتانية، ورسالة واضحة بأن الدفاع عن الكلمة والمبدأ يظل واجبًا دائمًا في سبيل بناء وطن يتسع للجميع.