المذكرة الصغيرة: مشهد من الذاكرة

الزمان أنفو _ في ربيع السبعينات، كان العالم يتغير بسرعة، وكانت موريتانيا الفتية تحاول أن تجد لنفسها مكاناً تحت الشمس. قرأتُ اليوم قصةً تهزّ القلب عن الرئيس المختار ولد داداه – رحمه الله – ذلك الرجل الذي عاش ببساطة، وظلّ نظيف اليد حتى وهو في أعلى هرم السلطة.

أعجبتني تفاصيل الحكاية: رئيس إفريقي غني يلاحظ أن مضيفه لا يغيّر بدلته طيلة ثلاثة أيام، فيمد له شيكاً بملايين الدولارات ليشتري ما شاء من البدل الباريسية. لكن المختار لم يشترِ شيئاً لنفسه، بل أودع المال في خزينة الدولة، وبُنيت به المدرسة الوطنية العليا لتكوين المعلمين – صرحٌ علمي ما زال أثره قائماً إلى اليوم.

المشهد الذي أثّر فيّ أكثر هو لقاء موبوتو بعد خمس سنوات، حين رأى لافتات الشكر في شوارع نواكشوط، وأدرك أن هديته تحوّلت إلى مشروع تعليمي يخدم أمةً بأكملها. فأي زعيم في هذا الزمن يرفض أن يغيّر بدلته في سبيل شعبه؟ وأي حاكم اليوم يضع تعليم الفقراء قبل أناقته؟

كتبتُ هذه السطور لأقول:

إنها ليست مجرد قصة عن رئيس شريف، بل درسٌ في معنى المسؤولية والقدوة. فالتعليم كان وما زال طريقنا الوحيد للخروج من الفقر والجهل.

أيقظتني حركة الأوناش ترفع الشباك وصراخ العمال لأهرع إلى متن السفينة في انتظار البدء في معالجة كثيب العينات .

سبتمبر2001

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى