الحلقة 7: التنافس النسائي والوشاية الكاذبة

الزمان أنفو _
(حليمة ويمينة… حين يذوب الجدار بين الغيرة والعداوة)
في حيٍّ شعبيٍ هادئ من العاصمة، تعيش حليمة ويمينة، جارتان منذ سنوات، يجمعهما أصلٌ واحدٌ وتفرقهما طباعٌ مختلفة. حليمة معروفةٌ بطبعها التنافسيّ، تحرص على أن تكون الأولى في كل شيء: في المناسبات، في اللباس، في المجوهرات، وحتى في عدد الزوار. أما يمينة، فهي أكثر هدوءًا وبساطة، تميل إلى الأعمال الخيرية بصمتٍ ولا تحب الصخب.
بدأت القصة بمنافسةٍ غير معلنة في اللباس والحفلات. كلما أقامت يمينة حفلةً عائلية بسيطة، أقامت حليمة حفلةً أكبر وأكثر بهرجة. وكلما اشترت يمينة ثوبًا جديدًا، سارعت حليمة لاقتناء ثوبٍ أغلى. لم يكن في الأمر ضررٌ كبير في البداية، بل كان نوعًا من التقليد المتبادل، إلى أن تحوّل التنافس إلى حقدٍ مكتوم.
في أحد الأيام، بلغ حليمة خبرٌ كاذب بأن يمينة حصلت على دعمٍ ماليٍّ لمشروعٍ صغير بطريقةٍ «غير قانونية». بدافع الغيرة والانتقام، قدّمت وشايةً إلى الجهات الأمنية، ادعت فيها أن يمينة تمارس نشاطًا تجاريًا مشبوهًا. تحركت الجهات بناءً على البلاغ، ودخل رجال الأمن منزل يمينة أمام أعين الجيران. كانت صدمةً قاسية؛ لم يجدوا شيئًا، لكن الضرر وقع: سُمعةٌ نُهشت، ودموعٌ سقطت أمام الباب.
حين اتضح كذب البلاغ، استُدعيت حليمة للتحقيق، واعترفت بدافع الغيرة. كانت الفضيحة أشدّ عليها من أي عقوبةٍ مادية. تحولت نظرات الجيران من الإعجاب إلى النفور، وابتعدت عنها صديقاتها رويدًا رويدًا. أما يمينة، فقد آثرت الصمت، لكنها شعرت بجرحٍ عميقٍ في قلبها.
تدخلت إحدى الجمعيات النسائية في الحي، ونظمت لقاءً حواريًا للنساء حول خطورة الوشاية الكاذبة وآثارها الاجتماعية. حضرت حليمة وجلست في الصف الأخير، تستمع إلى القصص التي تشبه قصتها. في نهاية اللقاء، طلبت الكلمة، ووقفت أمام الجميع باكيةً تعترف بخطئها. لم يكن الاعتراف سهلًا، لكنه كان صادقًا.
قررت النساء في الحي تحويل هذه التجربة السلبية إلى مبادرةٍ إيجابية. أسسن لجنةً نسائية للتضامن الاجتماعي، تنظم أسواقًا خيرية وتجمع التبرعات للعائلات المحتاجة. فُتحت أبوابٌ كانت مغلقة، وذابت الحواجز القديمة بين الجارات.
بعد أشهر، كانت حليمة تمسك بيد يمينة في افتتاح سوقٍ خيري، تعملان معًا لنجاح الحدث. قالت يمينة بهدوءٍ:
«أحيانًا تكون الغيرة نارًا تحرق، وأحيانًا تكون ضوءًا يُهدي… الفرق في القلب.»
تحوّل الحي من ساحة تنافسٍ مدمّر إلى ساحة تعاونٍ نسائيٍّ مثمر، وأصبحت قصة حليمة ويمينة تُروى مثالًا على أن الغيرة إذا لم تُضبط بالوعي، قد تفتح أبواب الفتنة، لكنها إذا هُذبت، قد تصنع معجزاتٍ صغيرة.
العافية امونكه

اضغط لقراءة الموضوع بالفرنسية

اضغط هنا لقراءة الحلقات 1 و 2 و 3 و4 و5 و6

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى